للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مواضع التضبيب أن يقع في الإِسناد إرسالٌ أو انقطاع، فمن عادتهم تضبيبُ موضع ِ الإرسال والانقطاع، وذلك من قبيل ما سبق ذكره من التضبيبِ على الكلام الناقص.

ويوجَدُ في بعض ِ أصول الحديث القديمة في الإِسناد الذي يجتمع فيعه جماعةٌ معطوفة أسماؤهم بعضُها على بعض، علامة تشبه الضبةَ فيما بين أسمائهم، فيتوهم من لا خبرةَ له أنها ضبةٌ وليست بضبة، وكأنها علامةُ وصل ٍ فيما بينها، أثبتت تأكيدًا للعطف؛ خوفًا من أن تُجعلَ " عن " مكانَ الواو. والعلم عند الله تعالى.

ثم إن بعضهم ربما اختصر علامة التصحيح، فجاءت صورتها تشبه صورة التضبيب. والفطنةُ من خير ما أوتيه الإنسانُ. والله أعلم.

الثالث عشر: إذا وقع في الكتابِ ما ليس منه؛ فإنه يُنفَى عنه بالضرب، أو الحكِّ أو المحوِ، أو غير ذلك. والضربُ خيرٌ من الحَكِّ والمحو. روينا عن " القاضي أبي محمد بن خلاد " - رحمه الله - قال: " قال أصحابنا: الحك تهمة " (١). وأخبرني من أخبر عن " القاضي عياض " قال: " سمعت شيخنا أبا بحر سفيانَ بن العاصي، يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول: كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلسَ السماع؛ حتى لا يُبشَرَ شيء؛ لأن ما يبشر فيه ربما يصح في رواية أخرى , وقد يُسمع الكتابُ مرةً أخرى على شيخ آخرَ يكون ما بُشِرَ [٥٦ / ظ] وحُكَّ من روايةِ هذا، صحيحًا في روايةِ الآخر، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بُشِرَ، وهو إذا خُطَّ عليه من رواية الأول ِ وصَحَّ عند الآخرِ، اكتفى بعلامةِ الآخر عليه بِصحتِهِ " (٢).

ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب؛ فروينا عن " أبي محمد بن خلاد " قال: " أجودُ الضربِ أن لا يطمس المضروب عليه، بل يخط من فوقه خطًّا جيدا بَيِّنا، يدل على إبطاله، ويُقرأ من تحته ما خُطَّ عليه " (٣). وروينا عن " القاضي عياض " ما معناه، أن اختياراتِ الضابطين اختلفت في الضرب؛ فأكثرهم على مدّ الخطِّ على المضروبِ عليه مختلطًا


(١) المحدث الفاصل: ٦٠٦ ف ٨٨٣، والقاضي عياض في الإلماع: ١٧٠ من طريقه (باب في الضرب والحك والشق والمحو).
(٢) بنصه، في الإلماع: ١٧٠.
(٣) ابن خلاد الرامهرمزي في (المحدث الفاصل ٦٠٦/ ٨٨٣).

<<  <   >  >>