للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكلمات المضروبِ عليها، ويسمَّى ذلك: الشقَّ (١) أيضًا. ومنهم من لا يخلطه ويثبته فوقه، لكنه يَعطف طرفي الخطِّ على أول ِ المضروب عليه وآخرِه. ومنهم من يستقبحُ هذا ويراه تسويدًا وتطليسًا، بل يُحوِّقُ على أول ِ الكلام المضروب عليه بنصفِ دائرة، وكذلك في آخره. وإذا كثُر الكَلامُ المضروبُ عليه فقد يفعل ذلك في أول ِ كلِّ سطرٍ منه وآخره، وقد يكتفي بالتحويق على أول ِ الكلام وآخرِه أجمَعَ. ومن الأشياخ من يستقبح الضربَ والتحويقَ ويكتفي بدائرة صغيرة أولَ الزيادةِ وآخرَها، ويسميها صِفْرًا كما يسميها أهلُ الحسابِ. وربما كتب بعضهم عليه " لا " في أولِه و " إلى " في آخرِه. ومثلُ هذا يحسن فيما صحَّ في روايةٍ، وسقط في رواية أخرى (٢). والله أعلم.

وأما الضربُ على الحرف المُكرَّرِ؛ فقد تقدم بالكلام فيه " القاضي أبو محمد ابن خلاد الرامهرمزي " - رحمه الله - على تقدمه؛ فروينا عنه قال: " قال بعض أصحابنا: أوْلاَهما بأن يبطلَ الثاني؛ لأن الأولَ كُتِبَ على صواب، والثاني كُتِبَ على الخطأ، فالخطأ أوْلَى بالإِبطال. وقال آخرون: إنما الكتاب علامةٌ لما يُقرأ، فأوْلَى الحرفيْن بالإِبقاء أدَلُّهمَا عليه وأجودُهما صورةً " (٣) وجاء عن " القاضي عياض " آخرًا، ففصَّل تفصيلا حسنا، فرأى إن تكررَ الحرف إن كان في أول ِ سطرٍ فليضربْ على الثاني [٥٧ / و] صيانةً لأول ِ السطرِ عن التسويدِ والتشويه، وإن كان في آخر سطرٍ فليُضربْ على أولهما صيانةً لآخرِ السطر فإن سلامةَ أوائل ِ السطور وأواخرها عن ذلك أولى؛ فإن اتفق أحدُهما في آخر السطر والآخرُ في أول ِ سطر آخرَ فليُضرَبْ على الذي في آخر السطر، فإن أولَ السطرِ أوْلى بالمراعاة؛ فإن كان التكرُّرُ في المضاف أو المضاف إليه أو في الصفة أو الموصوف أو نحوِ ذلك؛ لم نراع حينئذ أولَ السطر وآخره، بل نراعي الاتصالَ بين المضاف والمضاف إليه ونحوِهما في


(١) الإلماع: ١٧١ وقال العراقي في الشق: وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق، ولم يذكره الخطيب في الجامع ولا في الكفاية، وهو اصطلاح لأهل المغرب وذكره القاضي عياض في الإلماع، ومنه أخذه المصنف وكأنه مأخوذ من الشق وهو الصدع، أو من شق العصا وهو التفريق، فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وما قبلها من الصحيح الثابت بالضرب عليها، ويوجد في بعض نسخ علوم الحديث [النشق] بزيادة بنون مفتوحة في أوله وسكون الشين. فإن لم يكن تصحيفًا من النساخ فكأنه مأخوذ من نشق الظبي في حبالته إذا علق فيها، فكأنه إبطال لحركة الكلمة بجعلها في صورة وثاق يمنعها من التصرف. والله أعلم " التقييد ٢١٦.
(٢) قوبل على الإلماع: ١٧١.
(٣) الرامهرمزي في المحدث الفاصل: ٦٠٧ ف ٨٨٥.

<<  <   >  >>