للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدَّث " الصُّوريُّ الحافظُ، محمد بن علي " قال: " رأيتُ أبا محمد عبدَالغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي: يا أبا عبدالله، خَرِّجْ وصنِّفْ قبل أن يُحالَ بينك وبينه، هذا أنا تراني قد حِيل بيني وبين ذلك ".

وللعلماء بالحديثِ في تصنيفه طريقتان:

إحداهما: التصنيفُ على الأبواب، وهو تخريجُه على أحكام الفقه وغيرِها، وتنويعه أنواعًا، وجمعُ ما ورد في كلِّ حُكم وكلِّ نوع، في بابٍ فبابٍ.

الثانية: تصنيفُه على المسانيد، وجمعُ حديثِ كلِّّ صحابيٍّ وحدَه، وإن اختلفت أنواعه. ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم، وله أن يرتبهم على القبائل، فيبدأ ببني هاشم، ثم بالأقربِ فالأقرب نسبًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وله أن يُرتِّبَ على سوابق الصحابةِ، فيبدأ بالعشرة، ثم بأهل ِ بدر، ثم أهل ِ الحديبية، ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية [٧٥ / و] وفتح مكة، ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونُظَرائه، ثم بالنساء، وهذا أحسن، والأولُ أسهلُ. وفي ذلك من وجوه الترتيبِ غيرُ ذلك.

ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه، تصنيفَه معللا؛ بأن يجمعَ في كلِّ حديثٍ طرقَه واختلافَ الرواةِ فيه، كما فعل " يعقوبُ بنُ شيبةَ " في (مُسندِه) (١).

ومما يعتنون به في التأليف جمعُ الشيوخ، أي جمع حديثِ شيوخ مخصوصين، كل واحد منهم على انفراده. قال " عثمانُ بن سعيد الدارمي ": " يقال: من لم يجمع حديثَ هؤلاء الخمسة فهو مُفْلِسٌ في الحديث: سفيان، وشعبة، ومالك، وحماد بن زيد، وابن عُيينة، وهم أصول الدين " (٢).


(١) قال الخطيب في ترجمة يعقوب: وصنف مسندًا معللا إلا أنه لم يتممه. قال الأزهري: ولم يصنف يعقوب المسند كله، وسمعت الشيوخ يقولون: لم يتم مسند معلل قط. وبلغني أن يعقوب كان في منزله أربعون لحافًا أعدها لمن كان يبيت عنده من الوراقين لتبييض المسند ونقله، ولزمه على ما خرَّج من المسند عشرة آلاف دينار، قال: وقيل لي إن نسخة بمسند أبي هريرة شوهدت بمصر فكانت مائتي جزء. قلت: والذي ظهر ليعقوب: مسند العشرة، وابن مسعود وعمار وعتبة بن غزوان والعباس، وبعض الموالي. هذا الذي رأينا من مسنده فحسب ".
(تاريخ بغداد: ١٤/ ٢٨١ ت ٧٥٧٥، وتقييد ابن نقطة ل ١٦٧ من طريق الخطيب).
(٢) ترتيب المدارك (١/ ١٥٧) وانظر معه مقدمة ابن أبي حاتم لكتابه (الجرح والتعديل ١/ ١٠ - ١١).

<<  <   >  >>