بل الأمر فيما ينبغي لتوثيق المتن، من مقابلة كل ما فيه من نقول على أصولها في الكتب التي نقل منها المصنف، صرَّح بأسمائها أو أبهم. واقتضى هذا وجوب البدء أولاً بجمع ما وصل إلينا من الكتب المصرح بها في نقول ابن الصلاح والسراج البلقيني، ومنها نوادر غير متداولة، ما بين مطبوع ومخطوط .. والمطبوع قلما يخلو من تصحيف وخلل ووهم، والمخطوطات لا تسلم من طمس وتآكل وخرم، وغالباً ما تكون كلماتها غير منقوطة، ومتونها خالية من الفواصل وعلامات الترقيم، وقد تكون على هوامشها إضافات دون علامة لمخارجها، تميز ما هو منها لحق لسقطٍ من المتن، وما هو من الحواشي عليه، للمصنف أو لغيره.
وكشفت المقابلة للنقول في (المقدمة والمحاسن) على ما تيسر لي من مصادرها، عن مواضع غير قليلة من الإِدراج والسقط والوهم، ما كان يمكن اتقاؤها ومصادر النقل ليست بين أيدينا، فكان أن تورطنا في ضبطها على السياق، اجتهاداً فيما لا مجال فيه لاجتهاد. كما وجهت المقابلةُ إلى ما يكون من اختلاف النقل عن نصه في المصدر المنقول منه. وقد جرينا فيما مضى على اعتماد مصادر النقل في مواضع الاختلاف، دون أن نقدر احتمال أن يكون النقل صحيحاً، وأن الخطأ في المصدر أو المرجع المنقول منه، لوهم من مؤلفه أو ناسخه أو ناشره وطابعه، وبهذا تثقل تكاليف التحقيق بالرجوع إلى مصادر أخرى مما يُحتكَم إليه في مثل هذا الاختلاف.
وكان من الإِخلال بقواعد المنهج كذلك، أن قصرتُ في الطبعة الأولى في تخريج الأحاديث بالمقدمة والمحاسن، اقتصاراً على الاطمئنان إليها بوجودها في كتب الحديث والسنن. وما كان ينبغي أن أغفل أن علماء المصطلح يشغلون بالحديث المرفوع أو الموقوف والمرسل والمنقطع والمقطوع والمعضل، والمدرج والشاذ والغريب، والمعلل، والضعيف، والمدلس والمنسوخ، والموضوع .. وذلك كله مما لا شأن لمفهرسي الأحاديث به، وقد يكون الحديث مخرجاً من طرقه الصحاح في كتب الحديث الأمهات، ويتعلق