للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: " وهؤلاء " * (١) يعني أنه أول من تصدى لذلك وعُنِيَ به. وإلا فالكلامُ فيهم جرحًا وتعديلا، متقدم ثابت عن رسول ِ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فيمن بعدَهم. وجُوِّزَ ذلك صونًا للشريعة ونفيًا للخطأ والكذبِ عنها.

وكما جاز الجَرْحُ في الشهودِ جاز في الرواة. ورويتُ عن " أبي بكر بنِ خلاد " قال: " قلت لحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركتَ حديثَهم، خُصَماءك عند الله يومَ القيامة؟ فقال: لأَنْ يكونوا خصمائي أحَبُّ إليَّ من أن يكون خَصمي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول لي [١١٥ / ظ]: لِمَ لَمْ تَذُبَّ الكذبَ عن حديثي؟ " (٢). وروينا، أو بلغنا، أن " أبا تُراب النَّخْشَبي الزاهد (٣) " سمع من " أحمد بنِ حنبل " شيئًا من ذلك، فقال له: يا شيخ لا تُغتابُ العلماء. فقال له: " ويحك، هذا نصيحة، ليس هذا غيبة " (٤) **.


(١) [وهؤلاء] كذا موضعها في النسخ. وقد تؤنس فائدة البلقيني إلى أنها في سياق قول صالح جزرة، يعني نقاد عصره.
(٢) أسنده الخطيب في (الكفاية: ٤٤) عن " أبي بكر بن خلاد " محمد بن خلاد بن كثير البصري، المتوفى سنة ٢١٩ (م د س ق).
(٣) على هامش (غ): [أبو تراب هذا، اسمه عسكر. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين، قاله السلمي في طبقاته]. وانظره في العبر، وفيات سنة ٢٤٥ (١/ ٤٤٥) واللباب (٣/ ٣٠٣) وفيه: نسبة إلى [نخشب] (ت. ع) " مدينة من بلاد ما وراء النهر. وعُرِّبت فقيل لها: نَسَف، ولهذه المدينة تاريخ كبير في نحو مجلدتين كبيرتين جمعه أبو العباس المستغفري " جعفر بن محمد النسفي، خطيبها (٣٥٠ - ٤٣٢ هـ).
(٤) أسنده الخطيب في (الكفاية ٤٥) عن عبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن نقطة في (التقييد) ترجمة محمد بن ناصر من طريق الخطيب (٤٣ / أ).

<<  <   >  >>