للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينحرف عن الدين من الأمراء أو يظلم الرعية. قذًى في عين كل فاجر وطاغية ". يقول شاهد العصر الحافظ ابن حجر، في وفاته لاجين بن عبدالله الجركسي إنه كان مترشحًا لأن يلي المملكة: " وكان مشهورًا بسوء العقيدة، توعَّدَ أن يغير معالم الشريعة، ويبطل الأوقاف كلها، ويستولي عليها، ويحرق كتب الفقهاء كلها. وكان يتهدد الأعيان بالقتل، وأول من يعاقب شيخ الإِسلام البلقيني. فحال الله تعالى دون ذلك، وقدّر موت لاجين في شهر ربيع الأول من هذه السنة - ٨٠٤ هـ - وكفى الله شره " (١).

وعاش شيخ الإِسلام بعده سَنةً ونصفَ سنة، قويًّا جلدًا، مرابطًا مجاهدًا.

في أصيل يوم الجمعة، العاشر من ذي القعدة الحرام سنة خمس وثمانمائة، توفي شيح الإِسلام، عالم المائة الثامنة، قبيل صلاة العصر. وصلى عليه ابنه " الجلال عبدالرحمن قاضي القضاة " وشيعوه - رضي الله عنه - إلى مدفنه في مدرسته بحارة بهاء الدين في مشهد حافل مهيب. ونعوه إلى الأمة الإِسلامية وبلغ نعيه إلى الحجيج بعرفة فأصم ناعيه الواقفين بها. وقد كان الشهاب ابن حجر فيهم.

وظل الحزن عليه طويلا: خلا مكانه في الفقه والفتيا لم يخلف مثله. وأما في الحديث فكان لمصر وللأمة، حافظها الإمام الحجة الصدر " زين الدين أبو الفضل عبدالرحيم بن الحسين العراقي " إلى أن لحق بشيخ الإِسلام البلقيني، في ذي القعدة من السنة التالية (٨٠٦ هـ) وكان مولده قبله بسنة واحدة كذلك: توفي كلاهما عن إحدى وثمانين سنة وثلاثة أشهر إلا أيامًا. فذلك قول الشهاب ابن حجر في مرثيته لشيخه سراج الدين عمر، وضمنها رثاء شيخه الزين العراقي: (٢)

يا سائلي جهرة عما أكابده .............................. " عَدَتْكَ حاليَ لا سِرّي بمستتر "

أَقضي نهاريَ في غمٍّ وفي حَزَنٍ ............................ وطول ليليَ في فكرٍ وفي سهَرِ


(١) إنباء الغمر، وفيات سنة ٨٠٤ هـ (٢/ ٢٢١).
(٢) اقتصر ابن حجر في المجمع على ثلاثة أبيات منها - الأول والأخيران مما هنا - وروى السيوطي منها مائة بيتٍ واثنين وثلاثين في (حسن المحاضرة) (١/ ٣٣٠ - ٣٣٥).

<<  <   >  >>