للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذلك فيما يرجع إلى حسن السِّياق، وجودة الوضع والتَّرتيب، ولم يُفصِح أحدٌ بأنَّ ذلك راجعٌ إلى الأصحِّيَّة، ولو صرَّحوا به؛ لردَّ عليهم شاهد الوجود، فالصِّفات التي تدور عليها الصِّحَّة في كتاب «مسلم» أتمُّ منها في كتاب «البخاريِّ» وأشدُّ، وشرطه فيها أقوى وأسدُّ.

قوله: (فَذَلِكَ فِيْمَا يَرْجِعُ … ) إلى آخره، نقل عنه نفسه أنَّه علل ذلك بأنَّه لم يسقْ فيه بعد الخطبة إلَّا الحديث السرد؛ أي: فليس ممزوجًا بمثل ما في البخاري.

قوله: (وَجَوْدَةِ الوَضْعِ … ) إلى آخره؛ أي: لأنَّه يجمعُ طُرق الحديث في مكان واحدٍ بأسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فَسَهُلَ تناوله بخلاف البخاري، فإنَّه قطَّعَها في الأبواب بسبب استنباطه الأحكام منها، وأورد كثيرًا منها في غير مظنته، قال شيخ الإسلام: إذا امتاز مسلم بهذا فللبخاري في مقابلته من الفضل ما ضمنه في أبوابه من التراجم التي حَيَّرَت الأفكار، وأنَّه ما قرئ في شدَّة إلَّا فُرجت ولا رُكب به في مركبٍ فغرق، ولله در من قال:

قالُوْا لِمُسْلِمٍ فَضْلُ … قُلْتُ البُخَارِيُّ أَعَلى

قَالوا المُكرَّرُ فيهِ … قلتُ المُكرَّرُ أَحْلَى

وقيل: إنهما سواءٌ، وقيل: بالوقفِ.

قوله: (فِيْ كِتَابِ مُسْلِم أَتَمُّ مِنْهَا … ) إلى آخره، كذا في النُّسخ، وعليها فـ (أتمُّ) مبتدأ (أن)، وفي كتاب البخاري خبر المبتدأ الثاني، وهو وخبره خبر عن قوله (فَالصِّفَاتُ) ولا يخفاكَ ما فيه من نوع التكلف.

ولو عكسَ بأن قال في كتاب البخاري أتمُّ مِنْهَا في كتاب مسلم كان أظهر.

قال في «مقدمة الفتح»: وبيانُ ذلكَ من وجوهِ: أحدها: أنَّ الذين انفردَ البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمئة وبضع وثلاثون رجلًا إلى آخر ما ذكره الشارح في الرُّجحان من حيث العدالة والضبط.

قوله: (وَشَرْطُهُ فِيْهَا أَقْوَى … ) إلى آخره؛ أي: لما سبق عن الحازمي من أنَّه لا يخرج إلَّا عن الضابط المتقن الملازم لمن أخذَ عنه الملازمة الطويلة الممارس لحديثه.

وقوله: (وَأَسَدُّ) أفعل تفضيل من السداد بالفتح، وهو الصواب من القول والفعل، قال في «المصباح»:

<<  <   >  >>