للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والأصل في الرِّحلة ما رواه البيهقيُّ والخطيب عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رسول الله لم أسمعه فابتعت بعيرًا فشددت عليه رحلي وسرت شهرًا حتَّى قَدِمتُ الشَّام، فأتيت عبد الله بن أُنَيس فقلت للبوَّاب: قل له: جابر على الباب، فأتاه فقال: جابر بن عبد الله؟! فأتاني فقال لي فقلت: نعم، فرجع فأخبره، فقام يطأُ ثوبه حتَّى لقيني، فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديث بلغني عنك سمعته من رسول الله في القصاص لم أسمعه فخشيتُ أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه، فقال: سمعت رسول الله يقول: «يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ، أو قال: النَّاس عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قُلْنَا: ما بُهْمًا؟ قال: ليس مَعَهُمْ شيء، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ رَبُّهُم بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ من قَرُبَ: أنا الْمَلِكُ أنا الدَّيَّانُ لَا ينبغي لأَحَدٍ من أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ من أَهْلِ النَّارِ عِندَهُ مَظْلَمَةٌ حتى أَقُصَّها مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ، قُلْنَا: كَيْفَ وإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال: بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ».

واستدلَّ البيهقيُّ أيضًا برِحلة موسى إلى الخَضِر.

وروي أيضًا من طريق عيَّاش عن واهب بن عبد الله المعافريِّ قال: قَدِم رجل من أصحاب النَّبيِّ من الأنصار على مَسْلمة بن مَخْلد فألفاه نائمًا، فقال: أيقظوه. فأيقظوه، فرحَّب به وقال: انزل، قال: لا حتَّى تُرسل إلى عقبة بن عامر لحاجة لي، فأرسل إلى عقبةَ فأتاه فقال: هل سمعت رسول الله يقول: «من وَجَدَ مُسْلِمًا على عَوْرَةٍ فَسَتَرَه فَكَأَنَّمَا أَحْيَا مَوْؤُودَةً من قَبْرِهَا»، فقال عُقبة: قد سمعت رسول الله يقول ذلك (١).

وسأل عبد الله بن أحمد أباه عمَّن طلب العلم: ترى له أن يلزم رجلًا عنده علمٌ فيكتب عنه؟ أو ترى له أن يرحل إلى المواضع الَّتي فيها العلم فيسمع منهم؟ قال: يرحل يكتب عن الكوفيِّين والبصريِّين وأهل المدينة ومكَّة.

قال إبراهيم بن أدهم: إنَّ الله يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث.

قال الخطيب: والمقصود بالرِّحلة أمران:

أحدهما: تحصيل علوِّ الإسناد وقِدَم السَّماع.

والثَّاني: لقاء الحفَّاظ والمذاكرة لهم والاستفادة منهم، فإذا كان الأمران موجودين في بلدةٍ ومعدومين في غيره فلا فائدة في الرِّحلة أو موجودين في كلٍّ منهما فليُحَصِّل حديثَ بلده ثمَّ يرحلُ.


(١) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب ح/ ٣٤/ وما بعده.

<<  <   >  >>