للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسن الإسناد أو صحيحه؛ فهو دون قولهم: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أو حديثٌ حسنٌ؛ لأنَّه قد

تنبيهان:

الأوَّل: إذا كانَ راوي الحديث متأخِّرًا عن درجة الحافظ الضَّابط مع كونه مشهورًا بالصِّدق والسَّتر حتَّى يكون حديثه حسنًا فرُويَ حديثه من وجه آخر ولو واحدًا قَوِيَ بالمتابعة وانجبر ذلك النَّقص اليسير، وارتفع من درجة الحسن إلى درجة الصَّحيح وهو الصَّحيح لغيره، وذلك كحديث محمَّد بن عمرو المتقدِّم؛ فإنَّ محمَّد بن عمرو من المشهورين بالصِّدق لكنَّه لم يكن من أهل الإتقان حتَّى ضعَّفه بعضهم؛ من جهة سوء حفظه، ووثَّقه بعضهم؛ لصدقه وجلالته فحديثه من ذلك الوجه حسن، وانضمَّ إلى ذلك كونه رُوي من وجه آخر عن أبي هريرة فرواه الشَّيخان من طريق الأعرج عن أبي هريرة فحكمنا بصحَّته فهو صحيحٌ لذاته من طريق الشَّيخين صحيح لغيره من طريق محمَّد؛ نظرًا لجبره بوروده من طريق غيره، وحسنٌ لذاته من طريقه بقطع النَّظر عن جبره بغيره.

الثَّاني: اشتُهر أنَّ الأحاديث الضعيفة يقوِّي بعضها بعضًا، وأنَّه يتحصَّل من مجموعها أنَّ الحديث

يصير حسنًا. وليس على إطلاقه؛ بل ما كان ضعفه لضعف حفظ راويه الصَّدوق الأمين زال لمجيئه من وجه آخر موافق له، وعرفنا أنَّه لم يختلَّ فيه ضبطه وصار الحديث حسنًا بذلك وهو الحسن لغيره، وكذا ما كان ضعفه لإرسالٍ أو تدليسٍ أو جهالةِ رجالٍ زال بمجيئه من وجه آخر وكان دون الحسن لذاته، وأمَّا الضَّعيف لفسق الرَّاوي أو كذبه فلا يؤثِّر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله؛ لقوة الضَّعف وتَقَاعُد هذا الجابر، نعم؛ يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكرًا أو لا أصل له.

قال شيخ الإسلام: بل ربَّما كَثُرَت الطُّرق حتَّى أوصلته إلى درجة المستور والسَّيِّئ الحفظ، بحيث إذا وُجد له طريق آخر فيه ضعفٌ قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن.

قوله: (حَسَنُ الإِسْنَادِ أَوْ صَحِيْحِهِ)؛ أي: بإضافة الحُسن أو الصِّحة إلى الإسناد.

وقوله: (فَهُوَ دُوْنَ قَوْلِهِم: حَدِيْثٌ حَسَنٌ … ) إلى آخره؛ أي: كلٌّ منهما أدنى من كلٍّ منهما، وكذا لو قيل صحيح حسن الإسناد، بأنَّ وصف الإسناد بكلٍّ من الصِّحة والحُسن على ما جرى عليه شيخ الإسلام فيما يأتي في الحديث الصَّحيح الحسن إذا كان له طريق واحد وعُلم أنَّ كلًّا ممَّا ذكر أدنى من

<<  <   >  >>