يصحُّ أو يحسُنُ الإسناد؛ لاتِّصاله وثِقَةِ رواته وضبطِهم دون المتن؛ لشذوذٍ أو علَّةٍ،
قولهم: صحيح الإسناد، فالحاصل أنَّه قد يُضاف إلى الإسناد الصِّحة وحدها أو الحسن وحده أو كلاهما، وكذلك إلى الحديث، فما أضيف إلى السَّند بأقسامه الثَّلاثة أدنى من كلٍّ ممَّا أضيف إلى الحديث.
قوله:(دُوْنَ المَتْنِ) قال ابن الصَّلاح: لكن إذا اقتصر الحاكم المعتمد على قوله: (صحيح الإسناد) ولم يذكر له؛ -أي: للمتن- علَّة، فالظَّاهر منه الحُكم بأنَّه صحيح في ذاته؛ لأنَّ عدم العلَّة هو الأصل، قال شيخ الإسلام: والَّذي لا أشكُّ فيه أنَّ الإمام منهم لا يَعدل عن قوله: (صحيح) إلى قوله: (صحيح الإسناد) إلَّا لأمرٍ ما. انتهى.
قال العراقيُّ: ومثل ذلك يُقال فيما لو اقتصر على قوله: (حسن الإسناد) ولم يعقبه بضعيف، فهو أيضًا محكوم له بالحسن.
قوله:(دُوْنَ المَتْنِ)؛ أي: لشذوذٍ أو علَّةٍ فيه، وكذلك قد يصحُّ المتن دون السَّند بأن يجيء المتن من طريق آخر سالم ممَّا في هذا الطَّريق، كما في «شرح المشكاة»، ولا يختصُّ ذلك بالصَّحيح ولا بالحسن بل يجري في الضَّعيف أيضًا كما قاله الزركشيُّ في «نُكته»، فلا تلازم بين السَّند والمتن في الصِّحة وغيرها، فإذا قالوا: هذا إسناد صحيح أو حسن أو ضعيف. فلا يلزم منه صحَّة المتن ولا ضعفه وبالعكس، وكذا يقال في سائر الأنواع؛ وذلك؛ لأنَّها إمَّا أن تكون صفة للسَّند كالمُعضل والمنقطع والمعلَّق والمتَّصل والمسلسل، وإمَّا أن تكون من أوصاف المتن كالمرفوع والمقطوع والمسند والموقوف والمرسل والمتواتر والمشهور، وإمَّا أن تكون من الأوصاف الشَّاملة للسَّند والمتن وهي الصِّحة والحسن والضَّعف، فإذا وصفنا السَّند بصفة تخصُّهُ كأن يقال: مُعْضل مثلًا لم يُنظر إلى متن الحديث أصلًا، بل تارة يكون صحيحًا أو حسنًا أو ضعيفًا وتارة يكون مرفوعًا أو موقوفًا أو مقطوعًا، وإذا وصفنا الحديث بصفة تخصه كأنْ يقال: مرفوع لم ينظر إلى السَّند أصلًا سواء كان صحيحًا أم حسنًا أم ضعيفًا أم منقطعًا أم معضلًا أم غير ذلك، وإذا وصفنا أحدهما بما هو مشترك بينهما لم يلزم منه كون الآخر كذلك، فاعرف ذلك واغتنمه.