للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيها: تدليس التَّسوية؛ بأن يُسقط ضعيفًا بين شيخيهما الثقتين، فيستوي الإسناد كلُّه ثقاتٌ، وهو شرُّ التَّدليس، وكان بقيَّةُ بن الوليد أفعلَ النَّاس له.

ثالثها: تدليس الشُّيوخ؛ بأن يسمِّيَ شيخَه الذي سمع منه بغير اسمه المعروف، أو ينسبه أو

ونَقْلُ النوويِّ في «شرح المهذب» الاتفاقَ على ردِّ المعنعن منه محمول على اتفاق مَن لا يَحتجُّ بالمرسل، وقيل: إن لم يُدلس إلَّا عن الثقات كسفيان بن عيينة، وقيل: إن نَدَرَ تدليسه.

قوله: (ثَانِيْهَا: تَدْلِيْسُ التَّسْوِيَةِ) تَبِعَ الشَّارح في جعله قسمًا مستقلًا العراقي، وجعله ابن حجر من تدليس الإسناد، وسُمِّي تدليس تسوية؛ لأنَّه يُسوىَ فيه بين الثقة وغيره، وسمَّاهُ ابن القطان تسويةً بدون لفظ تدليس، فيقول سوَّاه فلان وهذه تسويةٌ.

قال العراقي: والقدماء يسمونه تجويدًا، فيقولون: جوَّدَهُ فلان؛ أي: ذكر مَن فيه من الأجواد وحذف غيرهم، والتحقيقُ أن يُقال: متى قيل تدليس تسوية فلا بدَّ أن يكون كل من الثقات الذين حذفت بينهم الوسائط في ذلك الإسناد قد اجتمعَ الشخصُ منهم بشيخِ شيخهِ في ذلك الحديث، وإن قيلَ تسوية بدون تدليس لم نحتجْ إلى اجتماع أحدٍ منهم بمن فوقه كما فعل مالك؛ فإنَّه لم يقع في التدليس أصلًا ووقع في هذا إذ روى عن ثور عن ابن عباس كما سلفَ، وعلى هذا فيفارق المُنقطع بأنَّ شرط الساقط هنا أن يكون ضعيفًا بخلاف المنقطع فأعمُّ، فهذا منقطع خاص.

قوله: (بَيْنَ شَيْخَيْهِ) هكذا فيما بأيدينا من النسخ، تثنية لفظ الشيخ وضمير التثنية، ولعله بَيَّنَ شيخيه بتثنية لفظِ شيخ فقط والضمير عائد على الراوي، كما يؤخذ مما قررناه قبلُ، ويكونُ المراد شيخًا مباشرة وبالواسطة، ويُحتمل أن المراد شيخه وشيخ ذلك الضعيف الذي أسقطه، وعلى كلٍّ فهو مع كونه تكلفًا قاصرٌ على بعض الصور، إذ لا يتقيد هذا النوع بذلك.

قوله: (وَهُوَ شَرُّ الْتَدْلِيْسِ)؛ أي: لأنَّ الثقة الأول قد لا يكون معروفًا بالتدليس ويجده الواقف على الحديث قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة، وفيه غَرَرٌ شديد.

<<  <   >  >>