بصحة النبوة وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيلزم من ذلك تصديقه في كل ما يخبر به من الكتاب والحكمة.
وأما التفصيل، فمسائل الشريعة ليس فيها ما يرده العقل؛ بل كل ما أدركه العقل من مسائلها فهو يشهد له بالصحة تصديقاً وتعضيداً، وما قصر العقل عن إدراكه من مسائلها، فهذا لعظم الشريعة، وتفوقها، ومع ذلك فليس في العقل ما يمنع وقوع تلك المسائل التي عجز العقل عن إدراكها، فالشريعة قد تأتي بما يحير العقول لا بما تحيله العقول.
فإن وجد ما يوهم التعارض بين العقل والنقل، فإما أن يكون النقل غير صحيح أو يكون صحيحا ليس فيه دلالة صحيحة على المدعي، وإما أن يكون العقل فاسدا بفساد مقدماته.
فمن احتج - مثلا - في إنكار الصفات الإلهية بأن لازم ذلك إثبات آلهة مع الله، فقد احتج بعقل غير صحيح، بل لا يجوز تسمية ذلك عقلاً أصلاً؛ إذ لا يجوز في العقل وجود موجود مجرد عن الصفات؛ بل هو من أعظم الممتنعات العقلية؛ لأنه يستلزم رفع النقيضين، حيث يقال: هو موجود ولا موجود، ولا يقال هذا في حق المخلوق، فلا يستلزم إثبات المخلوق متصفاً بصفات السمع والبصر والكلام والحياة أن يتعدد المخلوق، بحيث تكون كل صفة منها إنساناً قائماً بنفسه، وهذا معلوم البطلان في حق المخلوق، وبطلانه في حق الخالق أظهر وأولي، فهذا عقل فاسد لا يقاوم النقل الصحيح الصريح من آيات الصفات وأحاديثها.
وقد يكون النقل مكذوبا والعقل صحيحاً، كما في حديث يروى عن