للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (١) .

فلما قرأه أخذه، فجعله في حق من عاج، وختم عليه، ثم دعا كاتبًا يكتب بالعربية، فكتب:

لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط. سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًّا قد بقي؛

وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها. والسلام (٢) .

وأخرج ابن عبد الحكم، عن أبان بن صالح، قال: أرسل المقوقس إلى حاطب ليلة، وليس عنده أحد إلا ترجمان له، فقال له: ألا تخبرني عن أمور أسألك عنها، فإني أعلم أن صاحبك تخيرك حين بعثك لي!

قلت: لا تسألني عن شيء إلا صدقنك، قال: إلام يدعو محمد؟ قال: إلى أن نعبد الله، ولا نشرك به شيئًا، ونخلع ما سواه، ويأمر بالصلاة. قال: فكم تصلون؟ قال: خمس صلوات في اليوم والليلة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت، والوفاء بالعهد، وينهى عن أكل الميتة والدم. قال: ومن أتباعه؟ قال: الفتيان من قومه وغيرهم، قال: فهل يقاتل قومه؟ قال: نعم، قال: صفه لي، فوصفته بصفة من صفاته، ولم آت عليها، قال: قد بقيت أشياء، لم أرك ذكرتها؛ في عينيه حمرة قلما تفارقه، وبين كتفيه خاتم النبوة، يركب الحمار، ويلبس الشملة، ويجتزئ بالتمرات والكسر، لا يبالي من لاقى من عمٍ ولا ابن عم، قلت: هذه صفته، قال: قد كنت أعلم أن نبيًّا قد بقي، وقد


(١) سورة آل عمران: ٦١.
(٢) فتوح مصر ٤٥-٤٦، مع اختلاف وحذف.