للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت أظن أن مخرجه بالشام، وهناك تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في العرب، في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني في اتباعه، ولا أحب أن يُعلم بمحاورتي إياك، وسيظهر على البلاد، وينزل أصحابه "من بعده" (١) بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا، وأنا لا اذكر للقبط من هذا حرفًا، فارجع إلى صاحبك (٢) .

وأخرج ابن عبد الحكم، عن عبد الرحمن بن عبد القارئ، قال: لما مضى حاطب بكتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قبل المقوقس الكتاب، وأكرم حاطبًا، وأحسن نزله، ثم سرحه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين، إحداهما أم إبراهيم، ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدي، فهي أم زكريا بن جهم، الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر.

قال ابن عبد الحكم: ويقال بل وهبها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان بن ثابت، فهي أم عبد الرحمن بن حسان؛ ويقال: بل وهبها لمحمد بن مسلمة الأنصاري، ويقال: بل لدحية بن خليفة الكلبي (٣) .

ثم أخرج من طريق المنذر بن عبيد، عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أمه سيرين، قال: حضرت موت إبراهيم، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما صحت أنا وأختي ما ينهانا؛ فلما مات نهانا عن الصياح. هذا يصحح قول من قال إنه وهبها لحسان (٤) .

وقال ابن الحكم: أنبأنا هانئ المتوكل، أنبأنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن المقوقس لما أتاه كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضمه إلى صدره، وقال: هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته وصفته في كتاب الله، وإنا لنجد صفته أنه


(١) من فتوح مصر.
(٢) فتوح مصر ٤٦-٤٧.
(٣) فتوح مصر ٤٧.
(٤) فتوح مصر ٤٧-٤٨.