للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يدخل عليها، فوقع في نفسه شيء، فرجع، فلقيه عمر بن الخطاب، فعرف ذلك في وجهه، فسأله فأخبره، فأخذ عمر السيف، ثم دخل على مارية فوجده عندها (١) ، فأهوى إليه بالسيف، فلما رأى ذلك كشف عن نفسه -وكان مجبوبًا ليس بين رجليه شيء- فلما رجع عمر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، قال: "إن جبريل أتاني، فأخبرني أن الله قد برأها وقريبها، وأن في بطنها غلامًا مني، وإنه أشبه الخلق بي، وأمرني أن أسميه إبراهيم، وكناني بأبي إبراهيم" (٢) .

وأخرج ابن عبد الحكم والبيهقي في الدلائل، من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، عن جده، قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المقوقس ملك الإسكندرية، فجئته بكتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزلني في منزل، وأقمت عنده ليالي، ثم بعث إليّ، وقد جمع بطارقته، فقال: سأكلمك بكلام، وأحب أن تفهمه عني، قلت: هلم، قال: أخبرني عن صاحبك، أليس هو بنبيّ؟ قال: قلت: بلى، هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فما له لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها! قال: فقلت له: فعيسى بن مريم، تشهد أنه رسول الله، فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه، ألا يكون دعا عليهم، بأن يهلكهم (٣) الله حتى رفعه الله إليه في السماء الدنيا؟ فقال: أنت حكيم، جاء من عند حكيم؛ هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد؛ وأرسل معك مبذرقة يبذرقونك (٤) إلى مأمنك. وأهدى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث جوارٍ، منهن أم إبراهيم، واحدة وهبها رسول الله صلى


(١) فتوح مصر: "ثم دخل على مارية وقريبها عندها".
(٢) فتوح مصر ٤٩.
(٣) كذا في فتوح مصر، وفي الأصول: "فأهلكهم".
(٤) يبذرقوتك، أي: يخفرونك.