للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلى عمرو يومئذ صلاة الخوف، ثم فتح الله يومئذ على المسلمين، وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة، واتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية، فتحصن بها الروم، وكانت عليهم حصون مبنية لا ترام، حصن دون حصن، فنزل المسلمون ما بين حلوة إلى قصر فارس، إلى ما وراء ذلك؛ ومعهم رؤساء القبط يمدونهم بما احتاجوا إليه من الأطعمة والعلوفة، ورسل ملك الروم تختلف إلى الإسكندرية في المراكب بمادة الروم، وكان ملك الروم يقول: لئن ظفرت العرب على الإسكندرية، إن ذلك انقطاع ملك الروم وهلاكهم؛ لأنه ليس للروم كنائس أعظم من كنائس الإسكندرية؛ وإنما كان عيد الروم حين غلبت العرب على الشام بالإسكندرية، فقال الملك: لئن غلبوا على الإسكندرية لقد هلكت الروم، وانقطع ملكها. فأمر بجهازه ومصلحته لخروجه إلى الإسكندرية، حتى يباشر قتالها بنفسه إعظامًا لها، وأمر ألا يتخلف عنه أحد من الروم، وقال: ما بقي للروم بعد الإسكندرية حرمة،

فلما فرغ من جهازه صرعه الله فأماته، وكفى الله المسلمين مؤنته وكان موته في سنة تسع عشرة (١) .

وقال الليث بن سعد: مات هرقل في سنة عشرين، فكسر الله بموته شوكة الروم، فرجع كثير ممن قد توجه إلى الإسكندرية، وانتشرت العرب عند ذلك وألحت بالقتال على أهل الإسكندرية، فقاتلوهم قتالًا شديدًا، وحاصروا الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل، وخمسة قبل ذلك، وفتحت يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين (٢) .

وقال ابن عبد الحكم: أنبأنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: أقام عمرو بن العاص محاصرًا الإسكندرية أشهرًا؛ فلما بلغ ذلك


(١) فتوح مصر ٦٤-٧٦ مع اختصار وحذف وتداخل في الروايات.
(٢) فتوح مصر ٧٩.