النهار عطشان، فقال له: قد درنا في هذا اليوم ولم تحصل لنا شربة ماء، ولو ضيعنا هذا الوقت في العبادة لحصل لنا خير كثير، أو ما هذا معناه، ولم يهنِّئ أحدًا بعد ذلك اليوم بشهر ولا غيره. وعين مرة لقضاء مكة، فلم يتفق له. وكان على جانب عظيم من الدين والتحري في الأحكام وعزة النفس والصيانة، يغلب عليه حب الانفراد وعدم الاجتماع بالناس، صبورًا على كثرة أذاهم له، مواظبًا على قراءة القرآن، يختم كل جمعة ختمة، ولم أعرف من أحواله شيئًا بالمشاهدة إلا هذا.
وله من التصانيف: حاشية على شرح الألفية لابن المصنف، وصل فيها إلى أثناء الإضافة، وحاشية على شرح العضد كتب منها يسيرًا، ورسالة على إعراب قول المنهاج:"وما ضبب بذهب أو فضة ضبة كبيرة"، وأجوبة اعتراضات ابن المقرئ على الحاوي. وله كتاب في التصريف وآخر في التوقيع؛ وهذان لم أقف عليهما.
توفي شهيدا بذات الجنب وقت أذان العشاء، لليلة الاثنين من صفر سنة خمس وخمسين وثمانمائة. وتقدم في الصلاة عليه قاضي القضاة شرف الدين المناوي (١) .
وذكر لي بعض الثقات أنه قيل له وهو ينتظر الصلاة عليه: لم يبق هنا مثله، فقال: لا هنا ولا هناك -يشير إلى المدينة- ودفن بالقرافة قريبًا من الشمس الأصفهاني. ولصاحبنا الشيخ شهاب الدين المنصوري فيه أبيات يرثيه بها وهي: