للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع معاوية من الجنود، فسالمه قيس وتاركه؛ فأشاع بعض أهل الشام أن قيس بن سعد يكاتبهم في الباطن، ويمالئهم على أهل العراق.

وروى ابن جرير أنه جاء من جهته كتاب مزور بمبايعته معاوية، فلما بلغ ذلك عليا اتهمه، وكتب إليه يغزو أهل خربتا الذين تخلفوا عن البيعة، فبعث يعتذر إليه بأنهم كثير عددهم، وهم وجوه الناس، وكتب إليه: إن كنت إنما أمرتني بهذا لتختبرني لأنك اتهمتني، فابعث على عملك بمصر غيري.

فولى على مصر محمد بن أبي بكر، وارتحل قيس إلى المدينة، ثم ركب إلى علي، واعتذر إليه، وشهد معه صفين، فلم يزل محمد بن أبي بكر بمصر قائم الأمر، مهيبا بالديار المصري، حتى كانت وقعة صفين، وبلغ أهل مصر خبر معاوية ومن معه من أهل الشام على قتال أهل العراق، وصاروا إلى التحكيم. فطمع أهل مصر في محمد بن أبي بكر، واجترءوا عليه، وبارزوه بالعداوة، وندم علي بن أبي طالب على عزل قيس من مصر لأنه كان كفئا لمعاوية وعمرو. فلما فرغ علي من صفين، وبلغه أن أهل مصر استخفوا بمحمد بن أبي بكر لكونه شابا ابن ست وعشرين سنة أو نحو ذلك، عزم على رد مصر إلى قيس بن سعد.

ثم إنه ولى عليها الأشتر النخعي، فلما بلغ معاوية تولية الأشتر ديار مصر، عظم ذلك عليه؛ لأنه كان طمع في استنزاعها من يد محمد بن أبي بكر، وعلم أن الأشتر سيمنعها منه لحزمه وشجاعته. فلما سار الأشتر إليها وانتهى إلى القلزم، استقبله الجايسار -وهو مقدم على الخراج- فقدم إليه طعاما، وسقاه شرابا من عسل، فمات منه. فلما بلغ ذلك معاوية وأهل الشام قالوا: إن لله جندا من عسل. وقيل: إن معاوية كان تقدم إلى هذا