للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجل في أن يحتال على الأشتر ليقتله ففعل ذلك، ذكره ابن جرير.

فلما بلغ عليا وفاة الأشتر تأسف عليه لشجاعته، وكتب إلى محمد بن أبي بكر باستقراره واستمراره بديار مصر، وكان ضعف جأشه مع ما فيه من الخلاف عليه من العثمانية الذين ببلد خربتا، وقد كانوا استفحل أمرهم؛ وكان أهل الشام حين انقضت الحكومة سلموا على معاوية بالخلافة، وقوي أمرهم جدا، فعند ذلك جمع معاوية أمراءه، واستشارهم في المسير إلى مصر، فاستجابوا له؛ وعين نيابتها لعمرو بن العاص إذا فتحها، ففرح بذلك عمرو، فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلد ومعاوية بن خديج -وهما رؤساء العثمانية ببلاد مصر- يخبرهم بقدوم الجيش إليهم سريعا، فأجابوه، فجهز معاوية عمرو بن العاص في ستة آلاف، فسار إليها، واجتمعت عليه العثمانية وهم عشرة آلاف. فكتب عمرو إلى محمد بن أبي بكر: أن تنح عني بدمك، فإني لا أحب أن يصيبك مني ظُفر، وإن الناس قد اجتمعوا بهذه البلاد على خلافك. فأغلظ محمد بن أبي بكر لعمرو في الجواب، وركب في ألفي فارس من المصريين، فأقبل عليه الشاميون، فأحاطوا به من كل جانب، وتفرق عنه المصريون، وهرب هو فاختفى في خربة، ودخل عمرو بن العاص فسطاط مصر، ثم دُلَّ على محمد بن أبي بكر، فجيء به؛ وقد كاد يموت عطشا، فقدمه معاوية بن حديج فقتله، ثم جعله في جيفة حمار، فأحرقه بالنار؛ وذلك في صفر سنة ثمان وثلاثين.

وكتب عمرو بن العاص إلى معاوية يخبره بما كان من الأمر، وأن الله قد فتح عليه بلاد مصر، فأقام عمرو أميرا بمصر إلى أن مات بها ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين على المشهور، ودفن بالمقطم، من ناحية الفج؛ وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز، فأحب أن يدعو له من مر به؛ وهو أول أمير مات بمصر.

وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبير: