للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألم تر أن الدهر أخنت ريوبه ... على عمر السهمي تُجبى له مصر

فأضحى نبيذا بالعراء وضللت ... مكائده عنه وأمواله الدثر

ولم يغن عنه جمعه المال برهة (١) ... ولا كيده حتى أتيح له الدهر

فلما مات عمرو بن العاص ولى معاوية على ديار مصر ولده عبد الله بن عمرو.

قال الواقدي: فعمل له عليها سنتين. وقال غيره: بل أشهرا. ثم عزله وولى عتبة بن أبي سفيان.

ثم عزله وولى عقبة بن عامر سنة أربع وأربعين، فأقام إلى سنة سبع وأربعين فعزله.

وولى معاوية بن حديج، فأقام إلى سنة خمسين، فعزله.

وولى مسلمة بن مخلد وجمعت له مصر والمغرب؛ وهو أول والٍ جمع له ذلك (٢) .

قال ابن عبد الحكم: حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة عن بعض شيوخ أهل مصر، قال: أول كنيسة بنيت بفسطاط مصر الكنيسة التي خلف القنطرة أيام مسلمة بن مخلد، فأنكر ذلك الجند على مسلمة، وقالوا له: أتقر لهم أن يبنوا الكنائس! حتى كاد يقع بينهم وبينه شر، فاحتج عليهم مسلمة يومئذ، فقال: إنها ليست في قيروانكم، وإنما هي خارجة في أرضهم، فسكتوا عند ذلك.

فأقام مسلمة أميرا إلى سنة تسع وخمسين.

وكان عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن ربيعة الثقفي المشهور بابن أم الحكم -وأم الحكم هي أخت معاوية- أميرا على الكوفة، فأساء السيرة في أهلها، فأخرجوه من بين أظهرهم طريدا، فرجع إلى خاله معاوية، فقال: لأولينك مصر خيرا منها، فولاه مصر، فلما سار إليها تلقاه معاوية بن حديج على مرحلتين من مصر، فقال: ارجع إلى خالك، فلعمري لا تسير فينا


(١) ابن عبد الحكم: "جمعه واحتباله".
(٢) ابن عبد الحكم ١٣٢.