للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيرتك في أهل الكوفة، فرجع ابن أم الحكم ولحقه معاوية بن حديج وافدا على معاوية. فلما دخل عليه وجده عند أخته أم الحكم -وهي أم عبد الرحمن الذي طرده عن مصر- فلما رآه معاوية، قال: بخ بخ! هذا معاوية بن حديج؛ فقالت أم الحكم: لا مرحبا! تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فقال معاوية بن حديج: على رسلك يا أم الحكم، أما

والله لقد تزوجت فما أكرمت، وولدت فما أنجبت؛ أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا، فيسير فينا كما سار في أهل الكوفة، فما كان الله ليريه ذلك، ولو فعل لضربنا ابنك ضربا يطأطئ منه -وإن كره هذا الجالس- فالتفت إليها معاوية، فقال: كفى، فاستمر مسلمة على إمرة مصر إلى أن مات في خلافة يزيد في ذي الحجة سنة اثنتين وستين.

فولِيَ بعده سعيد بن يزيد بن علقمة الأزدي.

فلما ولي الزبير الخلافة بعد موت يزيد، وذلك في سنة أربع وستين، استناب على مصر عبد الرحمن بن قحزم القرشي الفهري، فقصد مروان مصر ومعه عمرو بن سعيد الأشدق فقاتل عبد الرحمن، فهزم عبد الرحمن وهرب.

ودخل مروان إلى مصر، فتملكها، وجعل عليها ولده عبد العزيز، وذلك في سنة خمس وستين، فلم يزل أميرا بها عشرين سنة. وكان أبوه جعل إليه عهد الخلافة بعد عبد الملك، فكتب إليه عبد الملك يستنزله عن العهد الذي من بعده لولده الوليد فأبى عليه. ثم إنه مات من عامه. قال ابن عبد الحكم: وقع الطاعون بالفسطاط، فخرج عبد العزيز إلى حلوان، وكان ابن حديج يرسل إليه في كل يوم بخبر ما يحدث في البلد من موت وغيره، فأرسل إليه ذات يوم رسولا فأتاه، فقال له عبد العزيز: ما اسمك؟ قال: أبو طالب، فثقل ذلك على عبد العزيز وغاظه، فقال: أسألك عن اسمك فتقول: أبو طالب! ما اسمك؟ قال: مدرك فتفاءل عبد العزيز بذلك فمرض، فدخل نصيب الشاعر فأنشأ يقول: