وولي أبو بكر محمد بن طغج الملقب بالإخشيد، ثم صرف من عامه، وأعيد أحمد بن كيغلغ، ثم صرف سنة ثلاث وعشرين.
وأعيد محمد بن طغج الإخشيدي، وفي هذا الوقت كان تغلب أصحاب الأطراف عليها لضعف أمر الخلافة وبطل معنى الوزارة، وصارت الدواوين تحت حكم أمير الأمراء محمد بن رائق، وصارت الدنيا في أيدي عمالها؛ فكانت مصر والشام في يد الإخشيد والموصل وديار بكر وديار ربيعة، ومضر في أيدي بني حمدان، وفارس في يد علي بن بويه، وخراسان في يد نصر بن أحمد، وواسط والبصرة والأهواز في يد اليزيدي، وكرمان في يد محمد بن الياس، والري وأصفهان والجبل في يد الحسن بن بويه، والمغرب وإفريقية في يد أبي عمرو الغساني، وطبرستان وجرجان في يد الديلم، والبحرين واليمامة وهجر في يد أبي طاهر القرمطي؛ فأقام محمد بن طغج في مصر إلى أن مات في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
وقام ابنه أبو القاسم أنوجوز -قال الذهبي في العبر: ومعناه بالعربية محمود مقامه- وكان صغيرًا، فأقيم كافور الإخشيد الخادم الأسود أتابكًا، فكان يدبر المملكة فاستمر إلى سنة تسع وأربعين.
فمات أنوجور، وقام بعده أخوه علي، فاستمر إلى أن مات سنة خمس وخمسين؛ فاستقرت المملكة باسم كافور، يدعى له على المنابر بالبلاد المصرية والشامية والحجاز، فأقام سنتين وأربعة أشهر، ومات بمصر في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين. قال الذهبي: كان كافور خصيًّا حبشيًّا، اشتراه الإخشيد من بعض أهل مصر بثمانية عشر دينار ثم تقدم عنده لعقله ورأيه إلى أن صار من كبار القواد، ثم لما مات أستاذه كان أتابك (١) ولده أنوجور، وكان صبيًّا فغلب كافور على الأمور،
(١) الأتابك: من ألقاب الوظائف التي استعملت في مصر، وأهل الأتابكية من بقايا عادات التركمان القديمة أحياها السلاجفة، ومن معانيها الوصاية على الأمراء، وانظر الألقاب الإسلامية ص١٢٢.