للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار الاسم للولد، والدست لكافور، ثم استقل بالأمر، ولم يبلغ أحد من الخصيان ما بلغ كافور ومؤنس المظفري الذي ولي سلطنة العراق، ومدحه المتنبي بقوله:

قواصد كافور توارك غيره ... ومن قصد البحر استقل السواقيا (١)

فجاءت بنا إنسان عين زمانه ... وخلت بياضًا خلفها ومآقيا

وهجاه بقوله:

من علم الأسود المخصي مكرمةً ... أقومه البيض أم آباؤه الصيد (٢)

وذاك أن الفحول البيض عاجزة ... عن الجميل فكيف الخصية السود

وقال محمد بن عبد الملك الهمداني: كان بمصر واعظ على الناس، فقال يومًا في قصصه: انظروا إلى هوان الدنيا على الله تعالى، فإنه أعطاها لمقصوصين ضعيفين: ابن بويه ببغداد وهو أشل، وكافور عندنا بمصر وهو خصي، فرفعوا إليه قوله وظنوا أنه يعاقبه، فتقدم له بخلعة ومائة دينار، وقال: لم يقل هذا إلا لجفائي له، فكان الواعظ يقول بعد ذلك في قصصه: ما أنجب من ولد حامٍ إلا ثلاثة: لقمان، وبلال المؤذن، وكافور.

وقال أبو جعفر مسلم بن عبد الله بن طاهر العلوي: كنت أساير كافور يومًا، وهو في موكب خفيف، فسقطت مقرعته من يده، فبادرت النزول، وأخذتها من الأرض ودفعتها إليه، فقال: أيها الشريف، أعو بالله من بلوغ الغاية، ما ظننت أن الزمان يبلغني حتى يفعل بي هذا -وكاد يبكي- أنا صنيعة الأستاذ، ووليه، فلما بلغ باب داره ودعته وسرت، فإذا أنا بالبغال والجنائب بمراكبها، وقال أصحابه: أمر الأستاذ بحمل هذا إليك، وكان ثمنها يزيد على خمسة عشر ألف دينار.

ولما مات كافور ولي المصريون مكانه أبا الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيد وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، فأقام شهورًا حتى أتى جوهر القائد من المغرب فانتزعها منه.


(١) ديوانه ٤: ٢٨٧.
(٢) ديوانه ٢: ٦٤.