فخرج السلطان للقائه، ومعه القاضي تاج الدين والوزير، والعلماء والأعيان والشهود والمؤذنون فتلقوه، وكان يومًا مشهودا، وخرج اليهود بتوراتهم والنصارى بإنجيلهم، ودخل من باب النصر بأبهة عظيمة.
فلما كان يوم الاثنين ثالث عشر رجب، جلس السلطان والخليفة في الإيوان بقلعة الجبل والقاضي والوزير والأمراء على طبقاتهم، وأثبت نسب الخليفة على القاضي تاج الدين؛ فلما ثبت قام قاضي القضاة قائمًا، وأشهد على نفسه بثبوت النسبة الشريفة. ثم كان أول من بايعه شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام، ثم السلطان الملك الظاهر، ثم القاضي تاج الدين، ثم الأمراء والدولة، وركب في دست الخلافة بمصر والأمراء بين يديه، والناس حوله، وشق القاهرة، وكان يوما مشهودًا ولقب المستنصر بالله بلقب أخيه، وخطب له على المنابر، وضرب اسمه على السكة، وكتبت بيعته إلى الآفاق، وأنزل بقلعة الجبل هو وحشمه وخدمه، فلما كان يوم الجمعة سابع عشر رجب، ركب في أبهة السواد، وجاء إلى الجامع بالقلعة فصعد المنبر، وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس، ودعا للسلطان، ثم نزل فصلى بالناس، وكان وقتا حسنا ويوما مشهودًا.
ثم في يوم الاثنين رابع شعبان ركب الخليفة، والسلطان والقاضي والوزراء والأمراء، وأهل الحل والعقد إلى خيمة عظيمة قد ضربت ظاهر القاهرة؛ فألبس الخليفة السلطان بيده خلعة سوداء وعمامة سوداء، وطوقًا في عنقه من ذهب، وقيدًا من ذهب في رجليه. وفوض إليه الأمور في البلاد الإسلامية، وما سيفتحه من بلاد الكفر، ولقبه بقيم أمير المؤمنين؛ وصعد فخر الدين بن لقمان رئيس الكتاب منبرا، فقرأ عليه تقليد السلطان، وهو من إنشائه وصورته:
الحمد لله الذي أضفى (١) على الإسلام ملابس الشرف، وأظهر بهجة درره وكانت