للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظلامات الأنام مردودة بعدله، وعزائمه تخفف ثقلا لا طاقة له بحمله؛ فقد أضحى على الإحسان قادرا، وصنعت له الأيام ما لم تصنعه لغيره ممن تقدم من الملوك وإن جاء آخرًا.

فاحمد الله على أن وصل إلى جانبك إمام هدى أوجب لك مزية التعظيم، ونبه الخلائق على ما فضل الله به من هذا الفضل العظيم. وهذه أمور يجب أن تلاحظ وترعى، وأن يوالي عليها حمد الله؛ فإن الحمد يجب عليها عقلا وشرعا، وقد تبين أنك صرت في الأمور أصلًا وصار غيرك فرعا. ومما يجب أيضا تقديم ذكره أمر الجهاد الذي أضحى على الأمة فرضًا، وهو العمل الذي يرجع به مسود الصحائف مبيضًّا.

وقد وعد الله المجاهدين بالأجر العظيم، وأعد لهم عنده المقام الكريم، وخصهم بالجنة التي لا لغو فيها ولا تأثيم.

وقد تقدمت لك في الجهاد يد بيضاء أسرعت في سواد الجهاد، وعرفت منك عزيمة هي أمضى مما تجنه ضمائر الأغماد، وأشهى إلى القلوب من الأعياد، وبك صان الله حمى الإسلام من أن يبتذل، وبعزمك حفظ على المسلمين نظام هذه الدول؛ وسيفك أثر في قلوب الكافرين قروحًا لا تندمل، وبك يرجى أن يرجع من الخلافة ما كان عليه في الأيام الأول.

فأيقظ لنصرة الإسلام جفنا ما كان غافيا ولا هاجعا، وكن في مجاهدة أعداء الله إمامًا متبوعا لا تابعا، وأيد كلمة التوحيد فما تجد في تأييدها إلا مطيعا سامعا (١) ، ولا تخل الثغور من اهتمام بأمرها تبسم لك الثغور، واحتفال يبدل ما دجى من ظلماتها بالنور، واجعل أمرها على الأمور مقدما، وشيد منها كل ما غادره العدو منهدمًا؛ فهذه حصون بها يحصل الانتفاع، وهي على العدو داعية الافتراق والاجتماع، وأولاها بالاهتمام ما كان


(١) ط: "متابعا".