للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وستمائة، وكان له ابن أخ أسن منه، فكان ينازعه الأمر، فلما أشار الشيخ باستخلافه، أمضى عهد والده، وهذه صورة العهد:

الحمد لله الذي رفع المستكفي به لما انتصب بشريف همته للمحل الأسمى، ومنح الأمة به ربيع خفض العيش، وجزم أمرهم على الصلاح والتوفيق جزمًا، وأدام الأئمة من قريش، ونظم لآلئ حكم أحكامهم في جيد الزمان نظما، وجعل الناس تبعا لهم في هذا الأمر، فغيرهم بالخلافة المعظمة لا يدعى ولا يسمى، فالحاكم الحسن المسترشد المستظهر بذخيرة الدين القائم بأمر الله القادر المقتدر المعتضد الموفق المتوكل المعتصم الرشيد المهدي الكامل من اقتفى لسنن سنتهم رسمًا، استودع الخلافة في بني العباس الذي كان لنبيه الكريم عمًّا، وفرج عنه ليلة العقبة بمبايعة الأنصار كربة وغما، فبشره بأن الخلافة في عقبه فعمه بالسرور عما. فلما انتهى ذلك السر في العوالم إلى الحاكم قيل وقد أمسكت هيبة الخلافة عن معرفة حقوقها العظيمة من كل عظيم فما {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (١) .

أحمده حمد من لم يثن عن طاعته، وطاعة رسوله وأولي الأمر عزما، ويورثها من يشاء من خلقه اختيارا ورغما، واشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي دعا إلى مودة أولي القربى، ومن أفضل من قرابته زكاة وأقرب رحمًا، صلى الله عليه وآله وصحبه وخلفائه وعترته، الذين هم أعدل البرية حكما، وبعد:

فإن الملك السلام منذ أسجد لآدم ملائكته الكرام في سالف الزمان قدمًا، جعل طاعة خلفائه في بلاده على سائر عباده حتمًا، كيف لا وبهم يعمر الوجود، وتقام الحدود وتهدم أركان الجحود هدمًا، فبحياتهم تأمن البلاد وربما صادف قرب وفاتهم أن لبس القمر ليلة التم حلة السواد وأخفى جرما. ولما كان سنة من تقدم من الأئمة الخلفاء إذا


(١) الأنبياء: ٧٩.