بالخلافة إلى ابنه أحمد وأشهد عليه أربعين عدلا، وأثبت ذلك على قاضي قوص.
فلما بلغ الناصر ذلك لم يلتفت إلى ذلك العهد، وطلب ابن أخي المستكفي إبراهيم ابن ولي العهد المستمسك بالله أبي بكر عبد الله محمد بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد، وكان جده الحاكم عهد إلى ابنه محمد، ولقبه المستمسك بالله، فمات في حياته.
فعهد إلى ابنه إبراهيم هذا ظنا أنه يصلح للخلافة، فرآه غير صالح لما هو فيه من الانهماك في اللعب، ومعاشرة الأرذال، فنزل عنه، وعهد إلى ولد صلبه المستكفي، وهو عم إبراهيم؛ وكان إبراهيم قد نازعه لما مات الحاكم، فلم يلتفت
إلى منازعته اعتمادا على قول الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، فأقام على ضغينته حتى كان هو السبب في الوقيعة بينه، وبين عمه وبين الناصر، وجرى ما جرى.
فلم يمض الناصر عهد المستكفي لولده، وبايع إبراهيم هذا في يوم الاثنين ثالث رمضان، ولقب الواثق بالله، وراجع الناس السلطان في أمره، ووسموه بسوء السيرة، خصوصًا قاضي القضاة عز الدين بن جماعة، فإنه جهد كل الجهد في صرف السلطان عنه، فلم يفعل؛ وما زال بهم حتى بايعوه.
ثم إن الله فجع الناضر بموت أعز أولاده الأمير أنوك، فكانت أول عقوباته ولم يمتع بالملك بعد وفاة المستكفي، فأقام بعده سنة وأياما، وأهلكه الله.
وقد قيل: إن وفاة المستكفي كانت سنة إحدى وأربعين، فعلى هذا لم يتم الحول على الناصر، حتى مات بعد ثلاثة أشهر؛ سنة الله فيمن مس أحدًا من الخلفاء بسوء، فإن الله يقصمه عاجلا، وما يدخره له في الآخرة من العذاب أشد.
ثم إن الله انتقم من الناصر في أولاده فسلط عليهم الخلع، والحبس والتشريد في