للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعانه على ما هو متوليه، بكتابه هذا الإسجال، فكتب عن إذنه الكريم على هذا المنوال، بعد قراءته وقراءة ما يحتاج إلى قراءته من كتابة العهد الشريف المسطر أعلاه، على شهود هذا الإسجال، وهو وهم يستمعون لذلك في اليوم المبارك من العشر الأخير من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة، أحسن الله تقضيها في خير وعافية.

وبايعه السلطان والقضاة والأعيان، وألبس جبة سوداء وطرحة (١) سوداء، وخلع على أولاد أخيه خلع الأمراء، وأشهد عليه أنه ولى الملك الناصر جميع ما ولاه والده، وفوضه إليه.

ثم نزل إلى داره بالكبش، ونقش اسمه على سكة الدينار والدرهم. ثم رسم السلطان في جمادى الآخرة بأن ينتقل الخليفة، وأولاده وجميع من يلوذ به إلى القلعة إكرامًا لهم. فنزلوا في دارين، وأجرى عليهم الرواتب الكثيرة، واستمر دهرًا وهو والسلطان كالأخوين يلعبان بالأكرة، ويخرجان إلى السرحات وسافرا معا إلى غزوة التتار نوبة غازيين، حتى وشى الواشين بينهما، فتغير خاطر الناصر منه، وذلك في سنة ست وثلاثين.

فأمره أن ينتقل من القلعة إلى مناظر الكبش (٢) حيث كان أبوه ساكنًا، ثم أمره أن يخرج إلى قوص، فيقيم بها وذلك في ثامن عشر ذي الحجة سنة سبع وثلاثين، فخرج إليها هو وأولاده وأهله، وهم قريب من مائة نفس، ورتب له على واصل المكارم أكثر مما كان له بمصر، وتوجع الناس لذلك كثيرًا.

قال الحافظ ابن حجر: وكان يطول مدته خطبته له على المنابر؛ حتى في مدة إقامته بقوص، واستمر بها إلى أن مات في شعبان سنة أربعين وسبعمائة، ودفن بها، وقد عهد


(١) الطرحة: ملبوس القضاء.
(٢) مناظر الكبش: كانت على جبل يشكر بجوار الجامع الطولوني، وتعرف اليوم باسم قلعة الكبش.