للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها وصدق، وخفض لها بصره خاشعا وأطرق، ومد إليها يده بالمبايعة، ومعتقده بالمتابعة، ورضي بها وارتضاها، وأجاز

حكمها على نفسه وأمضاها، ودخل تحت طاعتها. وعمل بمقتضاها، {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) .

وإنه لما استأثر الله بعبده سليمان أبي الربيع الإمام المستكفي بالله أمير المؤمنين كرم الله مثواه، وعوضه عن دار السلام بدار السلام، ونقله مزكى به عن شهادة الإسلام، بشهادة الإسلام حيث آثره بقربه، ومهد لجنبه، وأقدمه على ما قدمه من مرجو عمله وكسبه، وحاز له في جواره فريقا، وأنزله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الله أكبر ليومه لولا مخلفة (٢) كانت تضيق الأرض بما رحبت، وتجزى كل نفس بما كسبت، وتنبئ كل سريرة ما ادخرت وما خبأت (٣) . لقد اضطرم سعير (٤) إلا أنه في الجوانح، لقد اضطرب منبر وسرير لولا خلفه الصالح، لقد اضطرب مأمور وأمير لولا الفكر بعده في عاقبة المصالح؛ ولم يكن في النسب العباسي ولا في البيت المسترشدي، ولا في غيره من بيوت الخلفاء من بقايا آباء (٥) وجدود، ولا من تلده أخرى الليالي وهي عاقر غير ولود؛ من تسلم إليه أمة محمد عقد نياتها، وسر طوياتها، إلا واحد وأين ذلك الواحد! هو والله من انحصر فيه استحقاق ميراث آبائه الأطهار، وتراث أجداده "الأخيار" (٦) ، ولا شيء هو إلا ما اشتمل عليه رداء الليل والنهار؛ وهو ولد المنتقل إلى ربه، وولد الإمام الذاهب لصلبه، المجمع على أنه في الأيام فرد الأنام، وواحد وهكذا في الوجود الإمام، وأنه الحائز لما زرت عليه جيوب المشارق والمغارب، والفائز لملك (٧) ما بين المشارق والمغارب، الرامي في صفيح (٨) السماء هذه الذروة المنيفة، الراقي بعد الأئمة


(١) الزمر: ٧٥.
(٢) تاريخ الخلفاء: "محلفة".
(٣) تاريخ الخلفاء "جنت".
(٤) ط: "سعر" تحريف.
(٥) ط: "آبائهم".
(٦) من تاريخ الخلفاء.
(٧) تاريخ الخلفاء: "يملك".
(٨) تاريخ الخلفاء: "صفح".