للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرجو أن يعود على حاله الأول في سالف الأيام، ويتدفق في هذين المسجدين

بحره الزاخر ويرسل إلى ثالثهما في البيت المقدس ساكب الغمام، ويقيم بعدله (١) قبور الأنبياء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أينما كانوا وأكثرهم في الشام.

والجمع والجماعات هي فيكم على قديم سنتها وقويم سننها، وستزيد في أيام أمير المؤمنين لمن تضم إليه، وفيما يتسلم من بلاد الكفر ويسلم منهم على يديه.

وأما الجهاد فكفى باجتهاد القائم عن أمير المؤمنين بمأموره (٢) ، المقلد عنه جميع ما وراء سريره. وأمير المؤمنين قد وكل منه -خلد الله ملكه وسلطانه- عينًا لا تنام، وقلَّد سيفا لو أغفت بوارقه ليلة واحدة عن الأعداء سلت خياله عليهم الأحلام؛ وسيؤكد أمير المؤمنين في ارتجاع ما غلب العدا.

وقد قدم الوصية بأن يوالي غزو العدو المخذول برًّا وبحرًا. ولا يكف عمن ظفر به منهم قتالا ولا أسرًا، ولا يفك أغلالا ولا إصرارًا، ولا ينفك يرسل عليهم في البر من الخيل عقبانًا وفي البحر غربانًا، تحمل كل منهما من كل فارس صقرا، ويحمي الممالك مما يخترق أطرافها بإقدام، ويتحول أكنافها بإقدام، وينظر في مصالح القلاع والحصون والثغور، وما يحتاج إليه من آلات وأمهات الممالك التي هي مرابط البنود، ومرابض الأسود، والأمراء والعساكر والجنود، وترتيبهم في الميمنة والميسرة والجناح الممدود، ويتفقد أحوالهم بالعرض، بما لهم من خيل تعقد ما بين السماء والأرض، وما لهم من زرد موضون، وبيض مسها ذائب ذهب (٣) فكانت كأنها بيض مكنون، وسيوف قواضب، ورماح بسبب دوامها من الدماء خواضب، وسهام تواصل القسي وتفارقها، فتحن حنين مفارق وتزمجر القوس زمجرة مغاضب.


(١) ط: "معونة".
(٢) ح: "بمأموره".
(٣) تاريخ الخلفاء: "ذهب ذائب".