للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه جملة أراد بها أمير المؤمنين إطابة قلوبكم، وإطالة ذيل التطويل على مطلوبكم، ودماؤكم وأموالكم، وأعراضكم في حماية إلا ما أباح الشرع المطهر، ويزيد (١) الإحسان إليكم على مقدار ما يخفى منكم ويظهر. وأما جزيئات الأمور

فقد علمتم بأن من بعد عن أمير المؤمنين عني عن مثل هذه الذكرى، وأنتم على تفاوت مقاديركم وديعة أمير المؤمنين، وكلكم سواء في الحق عند أمير المؤمنين، وله عليكم أداء النصيحة، وإبداء الطاعة بسريرة صحيحة؛ فقد دخل كل منكم في كنف أمير المؤمنين وتحت رقه، ولزمه حكم بيعته وألزم طائره في عنقه؛ وسيعلم كل منكم في الوفاء بما أصبح بها عليما، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما.

هذا هو قول أمير المؤمنين؛ وقال وهو يعمل في ذلك كله بما تحمد عاقبته من الأعمال، وعلى هذا عهد إليه وبه يعهد، وما سوى ذلك فجور لا يشهد به عليه ولا يشهد؛ وأمير المؤمنين يستغفر الله على كل حال، ويستعيذ به من الإهمال، ويسأله أن يمده لما يحب من الآمال، ولا يمد له حبل الإهمال.

ويختم أمير المؤمنين قوله بما أمر الله به من العدل والإحسان، والحمد لله وهو من الخلق أحمد، وقد آتاه الله ملك سليمان، والله يمتع أمير المؤمنين بما وهبه، ويملكه أقطار الأرض ويورثه بعد العمر الطويل عقبه، فلا يزال على سدة العلياء قعوده، ولد ست الخلافة به أبهة الجلالة كأنه ما مات منصوره ولا أورى مهديه ولا رشيده (٢) .

ومن قصيدة ابن فضل الله التي سماها حسن الوفاء بمشاهير الخلفاء:

وطار منهم نحو مصر قشعم ... قد جاءها كما يجيء الطائر


(١) تاريخ الخلفاء: "ومزيد".
(٢) نقله السيوطي في تاريخ الخلفاء "٤٩١-٤٩٩".