للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أخي مستنصر ووالدي ... والده وهو الإمام الظاهر

فلقبوه مثله مستنصرا ... ذاك أن جد هذا الناصر

وكان منه الظاهر السلطان ذا ... خوف ومن بأسائه يحاذر

فبايعوه الحاكم بعد أن أتى ... وفر فالتفت به العشائر

وهو أبو العباس أحمد الرضا ... من ولد الراشد نجم زاهر

وقام مستكف كفاه ربه ... جميع ما يخاف ناه آمر

وبعده الواثق إبراهيم لا ... عاد ولا دارت له الدوائر

والحاكم الآن إمام عصرنا ... بشرى لنا إنا له نناصر

ثم في يوم الاثنين ثاني محرم سنة اثنتين وأربعين حضر الخليفة الحاكم، والسلطان المنصور والقضاة بدار العدل، فجلس الخليفة على الدرجة العلياء، وعليه خلعة خضراء، وفوق عمامته طرحه سوداء مرقومة بالذهب، وجلس السلطان دونه، فقام الخليفة وخطب خطبة افتتحها بقوله:

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (١) ، وبقوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (٢) ثم أوصى الأمراء بالرفق بالرعية وإقامة الحق، وتعظيم شعائر الإسلام ونصرة الدين، ثم قال: فوضت إليك جميع أحكام المسلمين، وقلدتك جميع ما تقلدته من أمور الدين {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} (٣) وقرأ الآية، وجلس. ثم جيء بخلعة سوداء ألبسها الخليفة السلطان بيده، ثم قلده سيفا عربيًّا، ثم أخذ علاء الدين بن فضل الله كاتب السر في قراءة عهد الخليفة للسلطان، حتى فرغ منه، ثم قدمه إلى الخليفة، فكتب عليه ثم


(١) النحل: ٩٠.
(٢) النحل: ٩١.
(٣) الفتح: ١٠.