إحدى وستين صناعًا وأخشابًا وآلات، وطيف بها بالديار المصرية فرحة بها، وتعظيما لشأنها، ثم ساروا بها إلى المدينة الشريفة، وأرسل منبرًا فنصب هنالك، وحج في سنة سبع وستين، فغسل الكعبة بيده بماء الورد، وزار المدينة الشريفة، فرأى الناس يلتصقون بالقبر النبوي، فقاس ما حوله بيده، وأرسل في العام الذي يليه دارابزيا من خشب، فأدير حول القبر الشريف.
وللظاهر فتوحات كثيرة، وملك الروم، وجلس بقيسارية على تخت آل سلجوق، ولبس التاج، وضرب باسمه الدينار والدرهم، وهو الذي جعل القضاة أربعة من كل مذهب قاض، ولم يعهد ذلك قبله في ملة الإسلام، وهو الذي جدد صلاة الجمعة بالجامع الأزهر وبجامع الحاكم، وكانا مهجورين من زمن العبيديين، فأساء في ذلك كل الإساءة كما سنبينه بعد هذا.
وأمر في أيامه بإراقة الخمور، وإبطال المفسدات والخواطئ وإسقاط المكوس المرتبة عليها، فأحسن في ذلك كل الإحسان.
وفي أيامه طيف بالمحمل وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة وذلك في سنة خمس وسبعين، وكان يوما مشهودا، وهو أول من فعل ذلك بالديار المصرية. وكان له صدقات كثيرة؛ من ذلك كل سنة عشرة آلاف إردب قمح للفقراء والمساكين وأرباب الزوايا، وكان يخرج كل سنة جملة مستكثرة يستفك بها من حبس القاضي من المفلسين، وكان يرتب في أول رمضان مطابخ لأنواع الأطعمة برسم الفقراء والمساكين، ووقف وقفا على تكفين أموات الغرباء، وأجرى على أهل الحرمين وطرق الحجاز ما كان انقطع في أيام غيره من الملوك، وله أنواع من المعروف وأوقاف البر.
نقلت من خط شيخنا الإمام تقي الدين الشمني؛ قال: نقلت من خط الشيخ كمال الدين الدميري، نقل من خط الشيخ جمال الدين بن هشام، قال: من غريب ما رأيت على