كراريس من تسهيل الفوائد بخط الشيخ جمال الدين بن مالك، في أواخرها صورة رفعها الفقير إلى رحمة ربه محمد بن مالك: يقبل الأرض، وينهى إلى السلطان أيد الله جنوده وأيد سعوده، أنه أعرف أهل زمانه بعلوم القراءات والنحو واللغة وفنون الآداب. وأمله أن يعينه نفوذًا من سيد السلاطين، ومبيد الشياطين، خلد الله ملكه، وجعل المشارق والمغارب ملكه، على ما هو بصدده من إفادة المستفيدين، وإفادة المسترشدين؛ بصدقة تكفيه هم عياله، وتغنيه عن التسبب في صلاح حاله؛ فقد كان في الدولة الناصرية عناية تتيسر بها الكفاية؛ مع أن الدولة، من الدولة الظاهرية كجدول من البحر المحيط، والخلاصة من الوسيط والبسيط؛ وقد نفع الله بهذه الدولة الظاهرية الناصرية خصوصًا وعمومًا، وكشف بها عن الناس أجمعين عمومًا؛ ولم بها من شعث الدين ما لم يكن ملمومًا، فمن
العجائب كون المملوك من مزيد خيراتها، وعن يمين عنايتها غائبا محرومًا؛ مع أنه من ألزم المخلصين الدعاء بدوامها، وأقوم الموالين بمراعاة زمانها؛ لأبرحت أنوارها زاهرة، وسيوف أنصارها قاهرة ظاهرة، وأياديها مبذولة موفورة، وأعاديها مخذولة مقهورة، بمحمد وآله!
وكان الشيخ محيي الدين النووي يكثر المكاتبات إليه، ويعظه في أمور المسلمين. قال الشيخ علاء الدين بن العطار: كتب الشيخ محيي الدين ورقة إلى الظاهر بيبرس، تتضمن العدل في الرعية، وإزاله المكوس. وكتب فيها معه جماعة، ووضعها في ورقة كتبها إلى الأمير بدر الدين بيليك الخازندار (١) بإيصال ورقة العلماء إلى السلطان، وصورتها:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله يحيى النووي، سلام الله تعالى ورحمته وبركاته
(١) كذا في الأصل والنجوم الزاهرة ٧: ٩٨، والسلوك ٤٣٦، وفي ح، ط: "بليلبك، بالباء الموحدة قبل الكاف، وهو أحد الخارندارية، وموضوعها التحدث في خزائن الأموال السلطانية من نقش وقماش وغير ذلك. وانظر صبح الأعشى ٤: ٢١.