للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نقول الحق حيث ما كنا، وألا نخاف في الله لومة لائم، ونحن نحب السلطان في كل الأحوال، وما ينفعه في آخرته ودنياه، ويكون سببًا لدوام الخيرات له، ويبقى ذكره على ممر الأيام، ويخلد به في الجنة، ويجد نفسه {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} (١) .

وأما ما ذكر من تمهيد السلطان البلاد، وإدامته الجهاد، وفتوح الحصون، وقهر الأعداء؛ فهذا بحمد الله من الأمور الشائعة التي اشترك في العلم بها الخاصة والعامة، وطارت في أقطار الأرض، فلله الحمد، وثواب ذلك مدخر للسلطان إلى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا، ولا حجة لنا عند الله تعالى إذا تركنا هذه النصيحة الواجبة علينا، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وكتب إلى الملك الظاهر لمَّا احتيط على أملاك دمشق:

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) . وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (٣) ، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (٤) . وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: $"الدين النصيحة لله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم"؛ ومن نصيحة السلطان وفقه الله تعالى لطاعته، وأولاه كرامته، أن ننهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية، والاهتمام

بالضعفة وإزالة الضرر عنهم، قال الله تعالى:


(١) آل عمران: ٣٠.
(٢) الذاريات: ٥٥.
(٣) آل عمران: ١٨٧.
(٤) المائدة: ٢.