للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ضياع تباع أو غير ذلك؛ وهؤلاء علماء المسلمين في بلاد السلطان أعز الله أنصاره. متفقون على هذا، وبيت المال بحمد الله معمور، زاده الله عمارة وسعة وخيرًا وبركة في حياة السلطان، المقرونة بكمال السعادة والتوفيق والتسديد، والظهور على أعداء الدين، وما النصر إلا من عند الله.

وإنما يستعان في الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما لزمه أحكام الشرع. وجميع ما كتبناه أولا وثانيا. هو النصيحة التي نعتقدها، وندين الله بها، ونسأل الله الدوام عليها حتى نلقاه. والسلطان يعلم أنها نصيحة له وللرعية، وليس فيها ما يلام عليه. ولم نكتب هذا السلطان إلا لعلمنا أنه يحب الشرع، ومتابعة أخلاق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الرفق بالرعية، والشفقة عليهم وإكرامه لآثار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكل ناصح للسلطان موافق على هذا الذي كتبناه.

وأما ما ذكر في الجواب من كوننا لم ننكر على الكفار كيف كانوا في البلاد؛ فكيف يقاس ملوك الإسلام، وأهل الإيمان والقرآن بطغاة الكفار! وبأي شيء كنا نذكر طغاة الكفار، وهم لا يعتقدون شيئًا من ديننا!

وأما تهديد الرعية بسبب نصيحتنا وتهديد طائفة العلماء؛ فليس هذا المرجو من عدل السلطان حلمه؛ وأي حيلة لضعفاء المسلمين الناصحين نصيحة للسلطان ولهم، ولا علم لهم به! وكيف يؤاخذون به لو كان فيه ما يلام عليه!

وأما أنا في نفسي فلا يضرني التهديد، ولا أكثر منه، ولا يمنعني ذلك من نصيحة السلطان؛ فإني أعتقد أن هذا واجب علي وعلى غيري، وما ترتب على الواجب، فهو خير وزيادة عند الله تعالى، {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (١) ، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (٢) ، وقد أمرنا رسول الله -


(١) غافر: ٣٩.
(٢) غافر: ٤٤.