للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (١) ، وقال الله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (٢) .

والجماعة الكاتبون منتظرون ثمرة هذا، فإذا فعلتم هذا فأجركم على الله {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٣) ؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فلما وصلت الورقتان إليه، أوقف عليهما السلطان، فرد جوابهما ردًّا عنيفًا مؤلمًا، فتكدرت خواطر الجماعة الكاتبين، فكتب رضي الله عنه لذلك الجواب وهذه صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل محمد. من عبد الله يحيى النووي، ينهي أن خدمة الشرع كانوا كتبوا ما بلغ السلطان أعز الله أنصاره، فجاء الجواب بالإنكار والتوبيخ والتهديد، وفهمنا منه أن الجهاد ذكر في الجواب على خلاف حكم الشرع، وقد أوجب الله إيضاح الكلام عند الحكام عند الحاجة إليه، فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (٤) ، فوجب علينا حينئذ بيانه،

وحرم علينا السكوت. وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٥) .

وذكر في الجواب أن الجهاد ليس مختصًّا بالأجناد؛ وهذا أمر لم ندعه، وكان الجهاد فرض كفاية، فإذا قرر السلطان له أجنادًا مخصوصين، ولهم أخباز معلومة من بيت المال كما هو الواقع، تفرغ باقي الرعية لمصالحهم ومصالح السلطان، والأجناد وغيرهم من الزراعة والصنائع وغيرهما، مما يحتاج الناس كلهم إليه، فجهاد الأجناد مقابل بالأخباز المقررة لهم، ولا يحل أن يؤخذ من الرعية شيء ما دام في بيت المال شيء من نقد، أو متاع أو أرض


(١) الأعراف: ٢٠١.
(٢) البقرة: ٢١٥.
(٣) النحل: ١٢٨.
(٤) آل عمران: ١٨٧.
(٥) التوبة: ٩٠.