للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأطلقهم أطلقك الله من كل مكروه، فهم ضعفة وفيهم الأيتام والأرامل والمساكين والضعفة والصالحون، وبهم تنصر وتغاث وترزق، وهم سكان الشام المبارك، جيران الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم، وسكان ديارهم، فلهم حرمات

من جهات. ولو رأى السلطان ما يلحق الناس من الشدائد لاشتد حزنه عليهم، وأطلقهم في الحال، ولم يؤخرهم؛ ولكن لا تنهى إليه الأمور على جهتها.

فبالله أغث المسلمين يغثك الله، وارفق بهم يرفق الله بك، وعجل لهم الإفراج قبل وقوع الأمطار وتلف غلاتهم، فإن غالبهم (١) ورثوا هذه الأملاك عن أسلافهم، ولا يمكنهم تحصيل كتب شراء وقد نهبت كتبهم، وإذا رفق السلطان بهم حصل له دعاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن رفق بأمته، ونصره على أعدائه، فقد قال الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} (٢) ، ويتوفر له من رعيته الدعوات، وتظهر في مملكته البركات، ويبارك له في جميع ما يقصده من الخيرات، وفي الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". ونسأل الله الكريم، أن يوفق السلطان للسنن الحسنة التي يذكر بها إلى يوم القيامة، ويحميه من السنن السيئة.

فهذه نصيحتنا الواجبة علينا للسلطان، ونرجو من فضل الله تعالى أن يلهمه فيها القبول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب إليه لما رسم بأن الفقيه لا يكون منزلا في أكثر من مدرسة واحدة:

بسم الله الرحمن الرحيم، خدمة الشرع ينهون أن الله تعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى، ونصيحة ولاة الأمور وعامة العلماء (٣) ، وأخذ على العلماء العهد، وتبليغ أحكام الدين ومناصحة المسلمين، وحث على تعظيم حرماته، وإعظام شعائر الدين، وإكرام


(١) ح: "أكثرهم".
(٢) محمد: ٧.
(٣) ط: "المسلمين".