العلماء وأتباعهم. وقد بلغ الفقهاء أنه رسم في حقهم بأن يغيروا عن وظائفهم، ويقطعوا عن بعض مدارسهم، فتنكدت بذلك أحوالهم، وتضرروا بهذا التضييق عليهم، وهم محتاجون، ولهم عيال، وفيهم الصالحون "والمشتغلون بالعلوم، وإن كان فيهم طائفة لا يلحقون مراتب غيرهم؛ فهم منتسبون إلى العلم"(١) ويشاركون فيه. ولا يخفى مراتب أهل العلم، وثناء الله
تعالى عليهم وبيانه مزيتهم على غيرهم، وأنهم ورثة الأنبياء صلوات الله عليهم؛ فإن الملائكة عليهم السلام تضع أجنحتها لهم، ويستغفر لهم كل شيء حتى الحوت في الماء.
واللائق بالجناب العالي إكرام هذه الطائفة، والإحسان إليهم ومعاضدتهم، ورفع المكروهات عنهم، والنظر بما فيه من الرفق بهم، فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قال:"اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به". وروى أبو عيسى الترمذي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه، أنه كان يقول لطلبة العلم: مرحبًا بوصية رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"إن رجالًا يأتونكم يتفقهون، فاستوصوا بهم خيرًا".
والمسئول ألا يغير على هذه الطائفة شيء، وتستجاب دعوتهم لهذه الدولة القاهرة، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم"!. وقد أحاطت العلوم بما أجاب به الوزير نظام الملك حين أنكر عليه السلطان صرفه الأموال الكثيرة في جهة طلب العلم، فقال: أقمت لك جندًا لا ترد سهامهم بالأسحار؛ فاستصوب فعله، وساعده عليه. والله الكريم يوفق الجناب دائما لمرضاته، والمسارعة إلى طاعته والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.