للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستقل بالسلطنة من يوم موته، واستمر إلى سنة ثمان وسبعين، فاختلف عليه الأماء، وقاتلوه، فخلع نفسه من السلطنة، وأشهد على نفسه بذلك، وذلك في يوم سابع عشر ربيع الآخر.

وأقيم مقامه (١) أخوه بدر الدين سلامش؛ ولقب الملك العادل، وعمره سبع سنين، وجعل أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي الألفي -سمي بذلك؛ لأنه اشتري بألف دينار- وضربت السكة باسمه على وجه، وباسم أتابكه على وجه. ودعي لهما معا في الخطبة، فأقام إلى يوم الثلاثاء حادي عشر رجب من هذه السنة، فاجتمع الأمراء بالقلعة، وخلعوا العادل. قال صاحب السكردان: وهو السادس من دولة الأتراك؛ فإن أولهم المعز أيبك، وكل سادس من الخلفاء والملوك لا بد أنه يخلع. وأقاموا بعده قلاوون الصالحي، ففوض إليه الخليفة، ولقب الملك المنصور، وكتب له تقليد هذه صورته، من إنشاء القاضي محيي الدين عبد الظاهر:

الحمد لله الذي جعل آية السيف ناسخة لكثير من الآيات، وناسخة لعقود أولي الشك والشبهات، الذي رفع بعض الخلق على بعض درجات، وأهل لأمور البلاد والعباد من جاءت خوارق تملكه بالذي إن لم يكن من المعجزات فمن الكرامات.

ثم الحمد لله الذي جعل الخلافة العباسية بعد القطوب حسنة الابتسام، وبعد الشحوب جميلة الاتسام، وبعد التشريد لها دار سلام أعظم من دار السلام. والحمد لله على أن أشهدها مصارع أعدائها، وأحمد لها عواقب إعادة نصرتها وإبدائها، ورد شبيهتها بعد أن ظن كل أحد أن شعارها الأسود ما بقي منه إلا ما أصابته العيون في جفونها، والقلوب في سويدائها.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يتلذذ بذكرها اللسان، وتتعطر بنفحاتها الأفواه والآذان، وتتلقاها ملائكة القبول فترفعها إلى أعلى مكان.


(١) ط: "مكانه".