للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أكرمنا به وشرف لنا الأنساب، وأعزنا به حتى نزل فينا محكم الكتاب؛ صلى الله عليه وآله الذين انجاب الدين منهم عن أنجاب، ورضي الله عن صحابته الذين هم أعز صحاب؛ صلاة توفي قائلها أجره بغير حساب يوم الحساب.

وبعد حمد الله على أن أحمد عواقب الأمور، وأظهر الإسلام سلطانا اشتدت به من الأمة الظهور، وشفيت الصدور، وأقام الخلافة العباسية في هذا الزمن المنصور، كما أقامها فيما مضى بالمنصور، واختار لإعلان دعوتها من يحيي معالمها بعد العفاء ورسومها بعد الدثور، وجمع لها الآن ما كان جمح عليها فيما قبل من خلاف كل ناجم، ومنحها ما كانت تبشرها به الملاحم، وأنفذ كلمتها في ممالك الدولة العلوية بخير سيف مشحوذ ماضي العزائم، ومازج بين طاعتهما في القلوب وذكرهما في اللسان؛ وكيف لا والمنصور هو الحاكم. وأخرج لحياطة الأمة المحمدية ملكا تنقسم البركات من يمينه، وتقسم السعادات بنور جبينه، ويقهر الأعداء بفتكاته، وتمهر عقائل العقائل بصفر راياته؛ ذي السعد الذي ما زال سعده يشف حتى ظهر، ومفخره يرف إلى أن بهر، وجوهره ينتقل من جيد إلى جيد حتى يملأ الجين، وسره يكمن في كل قلب حتى علم العلم اليقين.

والحمد لله الذي جعل بنا تمكينه في الأرض بعد حين، فاختاره الله على علم، واصطفاه من بين عباده بما جبله الله عليه من كرم وشجاعة وحلم، وأتى الله به الأمة المحمدية في وقت الاحتياج غوثًا، وفي إبان الاستمطار غيثا (١) ، وفي حين عبث الأشبال في غير وقت الافتراش ليثًا، فوجب على كل من له في أعناق الأمة المحمدية بيعة الرضوان، وعند إيمانهم مصافحة الإيمان، ومن حيث وجبت باستحقاقه لميراث


(١) ح: "عيث".