فدخل الناصر إلى مصر يوم عيد الفطر، وصعد القلعة، وجلس على سرير الملك، وحلقت له العساكر، ثم وجه إلى المظفر من أحضره واعتقله، ثم خنقه في خامس عشر شوال.
وقال العلاء الوداعي في عود الناصر إلى ملكه:
الملك الناصر قد أقبلت ... دولته مشرقة الشمس
عاد إلى كرسيه مثل ما ... عاد سليمان إلى الكرسي
وقال الصلاح الصفدي:
تثني عطف مصر حين وافى ... قدوم الناصر الملك الخبير
فذل الجشنكير بلا لقاء ... وأمسى وهو ذو جأش نكير
إذا لم تعضد الأقدار شخصًا ... فأول ما يراع من النصير
وشرع يعاتب الناس في أمره، فقال للخليفة: هل أنا خارجي وبيبرس من سلالة بني العباس!
وقال للقاضي علاء الدين بن عبد الظاهر: وكان هو الذي كتب عهد المظفر عن الخليفة: يا أسود الوجه. وقال للقاضي بدر الدين بن جماعة: كيف تفتي المسلمين بقتالي! فقال: معاذ الله، أن تكون الفتوى كذلك! وإنما الفتوى على مقتضى كلام المستفتي. ثم عزله عن القضاء، وعزل القاضيين: شمس الدين السروجي الحنفي والحنبلي، وأبقى المالكي، لكونه كان وصيًّا عليه من جهة أبيه قلاوون.
وقال للشيخ صدر الدين بن المرحل: كيف تقول في قصيدتك:
ما للصبي وما للملك يكفله ... شأن الصبي بغير الملك مألوف!
فخلف ابن المرحل ما قال هذا، وإنما الأعداء زادوا هذا البيت في القصيدة، والعفو من شيم الملوك؛ فعفا عنه.