للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ولي توبة بن نمر الحضرمي، فأقام ما شاء الله، ثم استعفي، فقيل له: فأشر علينا برجل نوليه، فقال: كاتبي خير بن نعيم الحضرمي، فولي خير سنة إحدى وعشرين ومائة، فلم يزل حتى صرف سنة ثمان وعشرين ومائة.

وولي عبد الرحمن بن سالم بن أبي سالم الجيشاني، فلم يزل إلى ولاية بني العباس سنة ثلاث وثلاثين ومائة، فصرف عن القضاء واستعمل على الخراج، ورد خير بن نعيم؛ فلم يزل حتى عزل نفسه في سنة خمس وثلاثين؛ وذلك أن رجلا من الجند قذف رجلًا، فخاصمه إليه وثبت عليه بشاهد (١) واحد، فأمر بحبس الجندي إلى أن يثبت الرجل شاهدا آخر، فأرسل أبو عون عبد الملك بن يزيد،

فأخرج الجندي من الحبس، فاعتزل خير وجلس في بيته، وترك الحكم، فأرسل إليه أبو عون، فقال: لا، حتى يرد الجندي إلى مكانه! فلم يرد، وتم على عزمه، فقالوا له: فاشر علينا برجل نوليه، فقال: كاتبي غوث بن سليمان.

فولي غوث بن سليمان الحضرمي، فلم يزل حتى خرج مع صالح بن علي إلى الصائفة.

ثم ولي أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميري (٢) ، وذلك أن أبا عون- ويقال: صالح بن علي شاور في رجل يوليه القضاء، فأشر عليه بثلاثة نفر. حيوة بن شريح، وأبو خزيمة، وعبد الله بن عياش القتباني (٣) ، وكان أبو خزيمة يومئذ بالإسكندرية، فأشخص، ثم أتى بهم إليه، فكان أول من نوظر حيوة بن شريح، فامتنع، فدعي له بالسيف والنطع، فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحا كان معه، فقال: هذا مفتاح بيتي، ولقد اشتقت إلى لقاء ربي، فلما رأوا عزمه تركوه، فقال لهم حيوة: لا تظهروا ما كان من إبائي لأصحابي فيفعلوا مثل ما فعلت، فنجا حيوة. ثم دعي بأبي خزيمة فعرض عليه القضاء


(١) ابن عبد الحكم: "ثبت عليه شاهدًا واحدًا".
(٢) ابن عبد الحكم: "الثاني"، وقال: "بطن من حمير".
(٣) ح، ط: "الغساني"، وصوابه من الأصل وابن عبد الحكم.