للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فامتنع، فدعي له بالسيف والنطع فضعف قلبه (١) ، ولم يحتمل ذلك، فأجاب إلى القبول فاستقضى (٢) . وكان أبو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلي القضاء، فمر به رجل من أهل الإسكندرية، وهو في مجلس الحكم، فقال: لأختبرن أبا خزيمة، فوقف عليه فقال له: يا أبا خزيمة، احتجت إلى رسن لفرسي، فقام أبو خزيمة إلى منزله، فأخرج رسنًا فباعه منه، ثم جلس. وكان أبو خرشة المرادي صديقاً لأبي خزيمة، فمر به يوما، فسلم عليه، فلم ير منه ما كان يعرف، وكان "أبو خرشة" (٣) قد خوصم إليه في جدار، فاشتد ذلك على أبي خرشة، "فشكاه إلى بعض قرابته، فسأل أبا خزيمة، فقال" (٤) : ما كان ذلك إلا أن خصمك خفت أن يرى سلامي عليك،

فيكسره ذلك عن بعض حجته، فقال أبو خرشة: فإني أشهدك أن الجدار له. ثم استعفى أبو خزيمة فأعفي.

وولي مكانه عبد الله بن بلال الحضرمي، ويقال: إنما هو غوث الذي كان استخلفه حين شخص غوث إلى أمير المؤمنين أبي جعفر، وذلك في سنة أربع وأربعين (٥) . ثم قدم غوث، فاقره خليفة له يحكم بين الناس حتى مات عبد الله بن بلال. قال يحيى بن بكير: لم يزل أبو خزيمة على القضاء، حتى قدم غوث من الصائفة فعزل أبو خزيمة، ورد غوث "على القضاء" (٦) . ثم إن غوثا شخص إلى العراق، فأعيد أبو خزيمة إلى القضاء، فلم يزل حتى توفي سنة أربع وخمسين. وكان ابن حديج إذ ذاك بالعراق، قال: فدخلت على


(١) ابن عبد الحكم: "قلب الشيخ".
(٢) بعدها في ابن عبد الحكم: "وأجرى عليه في كل شهر عشرة دنانير، وكان لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا، ويقول: "إنما أنا أجير المسلمين، فإذا لم أعمل لهم آخذ متاعهم. فكان يقال لحيوة بن شريح: ولي أبو خزيمة القضاء، فيقول حيوة: أبو خزيمة خير مني، اختبر ففتح".
(٣) من ابن عبد الحكم.
(٤) ابن عبد الحكم: "فشكا ذلك إلى بعض قرابته، فقال له: إن اليوم يوم الخميس -أو قال: الاثنين- وهو صائم، فإذا صلى المغرب ودخل، فاستأذن عليه، ففعل أبو خرشة، قال: فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس، فسلمت عليه، فرد علي كما كان يعرف، وقال: ما جاء بك؟ فأخبره أبو خرشة فقال....".
(٥) بعدها في ابن عبد الحكم: "وكان يجلس للناس في المجلس الأبيض".
(٦) من ابن عبد الحكم.