للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير المؤمنين أبي جعفر، فقال لي: يا بن حديج، لقد توفي ببلدك رجل أصيبت به العامة! قلت: يا أمير المؤمنين، ذاك إذا أبو خزيمة، قال: نعم (١) .

ثم ولي مكانه ابن لهيعة، وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين دينارا؛ وهو أول قاض بمصر أجري عليه ذلك، وأول قاض استقضاه بها خليفة، وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولون القضاة، فلم يزل قاضيًا حتى صرف سنة أربع وستين.

وولي إسماعيل بن اليسع (٢) الكوفي، وعزل سنة سبع وستين. وكان محمودا عند أهل البلد، إلا أنه كان يذهب إلى قول أبي حنيفة، ولم يكن أهل البلد يومئذ يعرفونه. قال ابن عبد الحكم: حدثنا أبي "عبد الله" قال: كتب فيه الليث بن سعد إلى أمير المؤمنين: يا أمير المؤمنين: إنك وليتنا رجلا يكيد سنة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أظهرنا، مع أنا ما علمنا في الدينار والدرهم إلا خيرا، فكتب بعزله.

ورد غوث بن سليمان على القضاء، فأقام حتى توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين. حدثنا أبو رجاء حماد بن مسور، قال: قدمت امرأة من الريف، فرأت غوثا رائحًا إلى المسجد، فشكت إليه أمرها، فنزل عن دابته، وكتب لها

بحاجتها، ثم ركب إلى المسجد فانصرفت المرأة وهي تقول: أصابت والله أمك حتى سمتك غوثا، أنت غوث عند اسمك (٣) .

وقيل: إنه أول قاض ركب للهلال مع الشهود. وقيل: بل ابن لهيعة.

فلما مات غوث ولي المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني، ثم عزل سنة تسع وستين،


(١) بعدها في ابن عبد الحكم: "فمن ترى أن نولي القضاء بعده؟ قلت: أبو معدان اليحصبي، قال: ذاك رجل أصم، ولا يصلح للقاضي أن يكون أصما، قال: قلت: فابن لهيعة يا أمير المؤمنين، قال: ابن لهيعة على ضعف فيه، فأمر بتوليه....".
(٢) في الأصول: "سميع"، وصوابه من ابن عبد الحكم.
(٣) ابن عبد الحكم ٢٤٤، والخبر هناك: "قدمت امرأة من الريف، وغوث قاض في محقة، فوافت غوث بن سليمان عند السراجين رائحًا إلى المسجد، فشكت إليه أمرها، وأخبرته بحاجتها، فنزل عن دابته في حوانيت السراجين، ولم يبلغ المسجد، وكتب لها بحاجتها، وركب إلى المسجد، فانصرفت المرأة وهي تقول: أصابت أمك....".