للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعيد ابن أبي عصرون، ثم عزل في محرم سنة اثنتين وتسعين.

وأعيد ابن بندار، ثم صرف في محرم سنة أربع وتسعين.

وأعيد صدر الدين، ثم صرف في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين.

وأعيد زين الدين بن بندار؛ وذلك لما انتزع الملك الأفضل علي بن السلطان صلاح الدين بن أيوب مملكة مصر من ابن أخيه المنصور محمد العزيز عثمان؛ وكتب له الصاحب ضياء الدين نصر الله بن الأثير الجزري تقليدا، هذا صورته:

{أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (١) . من السنة أن تفتح صدور التقليدات بدعاء يعم بفضله، ويكون وزانًا للنعمة الشاملة من قبله، وخير الأدعية ما أجرم الله على لسان نبي من أنبيائه أو رسول من رسله، وكذلك جعلنا من هذا التقليد الذي أمضى الله قلمنا في كتابه، وصرف أمرنا في اختيار أربابه، ثم صلينا على رسوله محمد الصادع بخطابه، الساطع بشهابه، الذي جعلت الملائكة من أحزابه، وضرب له المثل بقلب قوسين في اقترابه؛ وعلى آله وصحبه الذين منهم من خلفه في محرابه، ومنهم من كملت به عدة الأربعين من أصحابه، ومنهم من جعل أثواب الحياء من أثوابه، ومنهم من بشر أنه من أحباب الله وأحبائه، أما بعد:

فإن منصب القضاء في المناصب بمنزلة المصباح الذي به يستضاء، أو بمنزلة العين التي عليها تعتمد الأعضاء؛ وهو خير ما رقمت به الدول مسطور كتابها، وأجزلت به مذخور ثوابها، وجعلته بعد الأعقاب كلمة باقية في أعقابها. وقد جعله الله ثاني النبوة حكما، ووارثها علما؛ والقائم بتنفيذ شرعها ما دام الإسلام يسمى، لا يستصلح له إلا الواحد الذي يعد محفلا، وإذا جاءت الدنيا بأسرها خفت على أنمله، وقد أجلنا النظر


(١) سورة النمل: ١٩.