للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدر الكفاف لا على نسبة الأقدار، ورب متخوض فيما شان نفسه من مال الله، ومال رسوله ليس له في الآخرة إلا النار؛ والدنيا حلوة خضرة تلعب بذوي الألباب، وعلاقاتها بتجدد الأيام فلا تنتهي الآراب منها إلا إلى آراب (١) . ومن أراد الله به خيرًا لم يسلك إليها، وإن سلك كان كمن استظل بظل شجرة ثم راح وتركها، ونحن نخلص الضراعة والمسألة (٢) في السلامة من تبعاتها، وأن نوفق لرعي ولاية العدل والإحسان إذ جعلنا من رعاتها.

وهذا التقليد ينبغي أن يقرأ في المسجد الجامع بعد أن يجمع له الناس على اختلاف المراتب، ما بين الأباعد والأقارب، والعراقيب والذوائب، والأشائب وغير الأشائب؛ ولتكن قراءته (٣) بلسان الخطيب وعلى منبره، وليقل: هذا يوم رسم بجميل صيته واعتضاض محضره؛ ثم بعد ذلك فأنت مأخوذ بتصفح مطلوبه على الأيام، وإثباته في قلبك بالعلم الذي لا يمحى سطره إذا محيت سطور الأقلام.

واعلم أنا غدا وإياك بين يدي الحكم العدل الذي تكف لديه الألسنة عن خطابها، وتستنطق الجوارح بالشهادة على أربابها، ولا ينجو منه حينئذ إلا من أتى بقلب سليم؛ وأشفق من قول نبيه: "لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم".

والله يأخذ بناصية كل منا إليه، ويخرجه من هذه الدنيا كفافًا لا له ولا عليه، والسلام.

فولى عماد الدين بن عبد الرحمن بن عبد العلي بن السكري مصنف الحواشي على الوسيط، ثم صرف في المحرم سنة ثلاث عشرة؛ لأنه طلب منه قرض شيء من مال الأيتام فامتنع.


(١) الآراب: الحاجات.
(٢) ط: "والمسلمة".
(٣) ط: "ولكن قرأته" تحريف.