للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دولته سريعا. قال: وكأن هذا السر جعله الله في هذه البلاد، كما جعله الله لمالك في بلاد المغرب، ولأبي حنيفة فيما وراء النهر.

قال: وسمعت الشيخ الإمام الوالد يقول: سمعت الشيخ صدر الدين بن المرحل يقول: ما جلس على كرسي مصر غير شافعي إلا وقتل سريعا، قال: وهذا الأمر يظهر بالتجربة، فلا يعرف غير شافعي إلا قطز، كان حنفيا، ومكث يسيرا وقتل، وأما الظاهر فقلد الشافعي يوم ولاية السلطنة، ثم لما ضم القضاء إلى الشافعي استثنى للشافعي الأوقاف، وبيت المال والنواب وقضاة البر والأيتام، وجعلهم الأرفعين، ثم إنه ندم على ما فعل. وذكر أنه رأي الشافعي في النوم لما ضم إلى مذهبه بقية المذاهب، وهو يقول: تهين مذهبي! البلاد لي أو لك! قد عزلتك، وعزلت ذريتك إلى يوم الدين. فلم يمكث إلا يسيرا ومات، ولم يمكث ولده السعيد إلا يسيرًا، وزالت دولته، وذريته إلى الآن فقراء، هذا كلام ابن السبكي.

قال: وجاء بعده قلاوون، وكان دونه تمكنا ومعرفة، ومع ذلك مكث الأمر فيه وفي ذريته إلى هذا الوقت، وفي ذلك أسرار الله لا يدركها إلا خواص عباده.

قال: وقد حكي أن الظاهر رئي في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: عذبني عذابا شديدا لجعلي القضاة أربعة، وقال: فرقت كلمة المسلمين!

وقال أبو شامة: لما بلغهم ضم القضاة الثلاثة لم يقع مثل هذا في ملة الإسلام قط، وكان إحداث القضاة الثلاثة في سنة ثلاث وستين وستمائة؛ وأقام ابن بنت الأعز قاضيا إلى أن توفي سنة خمس وستين، وكان شديد التصلب في الدين، فكان الأمراء الكبار يشهدون عنده فلا يقبل شهادتهم؛ وكان ذلك أيضا من

جملة الحوامل على ضم القضاة الثلاثة إليه. وحكي أنه ركب وتوجه إلى القرافة، ودخل على الفقيه مفضل، حتى