للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناظم والناثر، وآتاك غاية شرف النفس وكرم الأصل، ومكنك من كل منقلة بإحراز السبق وإدراك الحصل، وأطلعك من أفق علاء تكاثرت سعوده،

وأستخلصك من منصب سناء سما فأعجز النجم صعوده، وانتخبك من بيت عز غدت دعائمه لذات السمهرية وظلاله صفحات القبض المشرفية، وحشاياه صهوات الجرد الأعوجية.

ولقد كان وقع التحامل على الحضرة ببعدك عن فنائها، وحسدت على قربك منها لما يعلم من متابعتك لها، وإغراقك في ولائها، وحاد بك عن موضعك من الاختصاص بها من قصد اهتضامها، وأفسد لسوء عقيدته نظامها، وصلمها على أنك لم تخل بنصرتها على بعد الدار، بل نصرت الحق حيث كان، ودرت معه حيث دار. وقد كان أمير المؤمنين حين أبهمت الأمور، وحرجت الصدور، وحارت الألباب، واستشرف للارتياب، يرجو من الله أن يفجأه منك بالفرج القريب، ويصمي أعداءه من عزمك بالسهم المصيب، واستجاب الله دعاءه فيك بما ماثل دعاء جده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضاهى، وحصل في ذلك على معنى قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} .

ولما أذهب الله بك أيها السيد الأجل الملك الصالح عن دولة أمير المؤمنين غايات العي، وأدرك بها ثار أولياء الله من ذوي المباينة والبغي، وأحسن له الصنيع بموازرتك، وبلغه مظافرتك ومكانفتك لما أحاط الخبرة بأرجائه، وفقه من التعويل عليك لما كان غاية رجائه، فقلدك من وزارته، وفوض إليك تدبير مملكته وكفالته، وجعلك إمارة جيوشه الميامين، وكفالة قضاة المسلمين، وهداية دعاة المؤمنين، وتدبير ما هو مردود إليهم من الصلاة والخطابة وإرشاد الأولياء المستجيبين، والنظر في كل ما أغدقه الله من أمور أوليائه أجمعين، وجنوده وعساكره المؤيدين، وكافة رعاياه بالحضرة وجميع أعمال المملكة دانيها وقاصيها، وسائر أحوال الدولة باديها وخافيها، وكل ما تنفذ فيه أوامره،