للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبوح بشعاره منابره، ورد إليك تدبير ما وراء سرير خلافته، وسياسة ما تحتوي عليه أقطار مملكته، وألقى إليك مقاليد البسط والقبض، والرفع والخفض، والإبرام والنقض، والقطع والوصل، والولاية والعزل، والتصرف والصرف، والإمضاء والوقف، والغض والتنبيه، والإخمال والتنويه، وجميع ما يقتضيه صواب التدبير من الإنعام والإرغام، وما توجبه أحكام السياسة من الإباء والإتمام، تيمنًا بما يحقق مبالغتك من متابعته، واجتهادك في إعلامنا ودعوته، وعلمًا بأن التوفيق لا يعدو وراك، والمسعود لا يفارق أنحاك.

فتقلد ما قلدك أمير المؤمنين من هذه الرتب العالية، والمنزلة التي قرب عليك تناولها أعمالك الزاكية، والمنصب الذي تحكم (١) فيه بأمر أمير المؤمنين وتنطق بلسانه (٢) ، وتبطش (٣) بيده وتحب وتبغض بقلبه وجنانه، جاريًا على رسمك في تقوى الله وخشيته، واتباع مرضاته واستشعار رجعته، ومنتجزًا ما عد به في كتابه، إليه ينتهي الحكم (٤) وينتسب (٥) ، إذ يقول تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (٦) .

والعساكر المنصورة فهم أشياع الدين، وأعضاد دولة أمير المؤمنين، وأبناء دعوة آبائه الراشدين، والقائمون بمدافعة الأعداء عن حوزة الدولة العلوية، والمدخرون لكفاح المباين للملكة الفاطمية، والمنادون بشعارها في كل وقت وحين، والمعدّون للذب عن بيضة المسلمين، وأنصار الخلافة، وطاردو الوجل والمخافة، المصطلون نيران الحرب والكفاح، ذوو القلوب في المواقف التي تهتز فيها السيوف، وتضطرب كعوب


(١) ط: "يحكم"، بالمبني للمجهول.
(٢) ط: "وينطق".
(٣) ط: "وتبطن".
(٤) بعدها في ط: "إليه".
(٥) ح: "وينسب".
(٦) سورة الطلاق: ٢.